admin
15-09-2022 - 02:14 pm


قصة سيدنا يونس عليه السلام
من هو يونس! هو يونس بن متّى ينتهي نسبه إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام، فهو من نسل بنيامين شقيق سيدنا يوسف عليه السلام من أبناء يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم الصلاة والسلام، ومن الجدير بالذكر أن متّى هي أمه، ولم ينسب أحد من النبيين إلى أمه إلا نبي الله يونس بن متى، ونبي الله عيسى بن مريم عليهم السلام جميعاً.

قوم يونس

جاء في كتب التاريخ أن نبي الله يونس عليه السلام بعثه الله سبحانه وتعالى إلى قومه الذين كان يعيش معهم في العراق في بلدة تسمى نينوى، ولقد انتشر الشرك في قوم يونس عليه السلام فقد كانوا يعبدون أصناماً من دون الله سبحانه وتعالى لا تضر ولا تنفع، فبعث الله إليهم سيدنا يونس عليه السلام وأمره بدعوتهم إلى عبادة الله وحده وألا يشركوا معه شيئاً في عباته، ولكن الكفر والشرك بالله أعمى عيونهم وصدهم عن سبيل الله، فكفروا بيونس وبرسالته وأصروا على عبادة الأصنام ولم يتركوها، وكان عندهم صنم كبير يسمى (عتشر) وذُكر أن يونس عليه السلام دعا قومه ثلاثة وثلاثين سنة ولم يؤمن به من قومه إلا رجلين فقط، وعلم سيدنا يونس عليه السلام أن قومه مصرون على عنادهم وتكبرهم وتجبرهم ، وعبادتهم للأصنام فيأس منهم، وتركهم وخرج من قريتهم، ولما خرج سيدنا يونس عليه السلام من قريته وترك قومه كان لا يظن أن الله يؤاخذه على هذا الخروج، لأنه قد بذل ما في وسعه في دعوة قومه ولم يقصر ولم يستجب له أحد إلا هذين الرجلين، وبعد خروج سيدنا يونس عليه السلام بدأ يحل العذاب على قومه بسبب طغيانهم وعداوتهم لرسالة سيدنا يونس عليه السلام وكفرهم به، فأظلتهم سحابة سوداء وغشيهم منها دخاناً عظيماً، وأيقن قوم سيدنا يونس عليه السلام أنه عذاب من الله سبحانه وتعالى وأنه سيدركهم لا محالة ولا مفر منه، خافوا من عذاب الله وأخذوا يبحثون عن نبيهم يونس عليه السلام ليدلهم على طريق التوبة إلى الله والإنابة إليه فلم يجدوه، فذهبوا إلى رجل كان شيخاً كبيراً وسألوه عما يجب عليهم فعله، فدلهم إلى طريق التوبة والإنابة والعودة إلى الله سبحانه وتعالى، وأخذوا يتضرعون لله سبحانه وتعالى ويسألونه أن يصرف عنهم العذاب وأن يقبل منهم توبتهم فتاب الله سبحانه وتعالى عليهم وقبل توبتهم وذلك بعد كفرهم وعنادهم، ولكنها مشيئة الله سبحانه وتعالى، فهو يهدي من يشاء ويضل من يشاء وهو أيضاً غفور رحيم.

إلقاء يونس في البحر

لما خرج سيدنا يونس عليه السلام من قرية نينوى، جاء إلى قوم كان معهم سفينة فاستأذنهم أن يركب معهم فأذنوا له، ولما ركب معهم وصاروا في عرض البحر أخذت السفينة تتمايل وتهتز واضطربت نتيجة لثقل الحمل الذي كان عليها، وأخذوا يفكرون في أمرهم ويتدبرونه فوجدوا أن عليهم أن يقوموا بتخفيف الحمل من على ظهر السفينة، فأقاموا بإلقاء بعض الأشياء التي كانت معهم ولكن السفينة ما زالت تتمايل وتهتز حتى قاموا بإلقاء كل شيء معهم في البحر، ولم تستقر السفينة بعد، فرأوا بعدها أن يلقوا أحدهم في البحر، وقالوا بأنه يجب علينا أن يقوم أحدنا بإلقاء نفسه من على ظهر السفينة في البحر لكي ينجي الأخرون وقاموا بعمل قرعة بينهم بضرب السهام فخرج في المرة الأولى سهم سيدنا يونس عليه السلام، فلما وجدوه رجلاً صالحاً وكانوا يعرفونه أرادوا أن يستهموا مرة ثانية فخرج في المرة الثانية سهم سيدنا يونس عليه السلام أيضاً، وأعادوا ذلك مرة ثالثة فخرج في المرة الثالثة سهم سيدنا يونس عليه السلام أيضاً، فعلم سيدنا يونس عليه السلام أنه يجب عليه أن يقوم بإلقاء نفسه في البحر وكان يونس على يقين أن الله عز وجل سينجيه ولم يتركه في البحر، وبالفعل قام سيدنا يونس عليه السلام بإلقاء نفسه من على ظهر السفينة.

يونس في بطن الحوت

لما قام سيدنا يونس عليه السلام بإلقاء نفسه في البحر حينها إلتقمه حوت ضخم أرسله الله سبحانه وتعالى إلى نبيه يونس في هذا الوقت، لكي يبتلعه وصار سيدنا يونس عليه السلام في بطن الحوت، وظن يونس عليه السلام أنه قد مات، ولكنه عندما حرك يده وجدها تتحرك، وحرك ساقه فوجده يتحرك، سجد سيدنا يونس شكراً لربه بأن حفظه من فم الحوت، فلم يكسر له عظماً، ولم يقطع له عضواً ولم يصب فيه جرحاً، وظل سيدنا يونس عليه السلام في بطن الحوت ثلاثة أيام، ولم يكن سيدنا يونس عليه السلام يترك ذكر الله، فكان يسبح في بطن الحوت دائماً، وألهمه الله سبحانه وتعالى دعاءً دعا به ربه سبحانه وتعالى، فكان سيدنا يونس عليه السلام يقول وهو في بطن الحوت لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فأمر الله سبحانه وتعالى الحوت أن يلفظه خارج البحر بمنطقة يابسة، وأنبت الله سبحانه وتعالى له شجرة من شجر اليقطين كان يستظل بها نبي الله يونس عليه السلام ويأكل منها.

عودة يونس إلى قومه

بعد أن لفظ الحوت سيدنا يونس عليه السلام خارج البحر، وجلس سيدنا يونس تحت شجرة اليقطين يستظل بظل بورقها ويأكل من ثمارها، ونجاه الله سبحانه وتعالى من هذا الكرب العظيم استجابة لدعوته التي ألهمه الله أيها فدعا الله بها عاد سيدنا يونس عليه السلام إلى قومه فوجدهم على حالة غير الحالة التي تركهم عليها، فقد كان تركهم قبل ذلك على الكفر والضلال وخرج غاضباً منهم آسفا على حالهم ولما رأوا أن العذاب قد أحاط بهم وتابوا إلى الله ورجعوا إليه سبحانه وتعالى ووجدهم سيدنا يونس عليه السلام على هذا الحال فرح بهم فرحاً شديداً ومكث معهم سيدنا يونس عليه السلام وكانوا قوماً كثيرين يزيدون عن 100,000 كما جاء ذلك في القرآن الكريم، وعاشوا في رغد من العيش، ومزيد من نعم الله عز وجل، وقيل أنهم عندما عادوا إلى كفرهم وضلالهم نزل عليهم عذاب الله سبحانه وتعالى، فدمرهم جميعاً ودمر قريتهم واصبحوا عبرة لغيرهم.

الدروس المستفادة

من قصة سيدنا يونس عليه السلام
من الممكن أن نستخلص من قصة سيدنا يونس عليه السلام كثيراً من العبر والعظات ومنها على سبيل المثال.
الغضب مذموم ويجب على الإنسان تركه فحين خرج سيدنا يونس عليه السلام غاضباً على قومه فظن أن الله سيعطيه قوماً آخرين يدعوهم ويؤمنون به ولكن الله سبحانه وتعالى لم يرد ذلك ولكنه أراد الهداية لقوم يونس عليه السلام.
التمسك بالصبر لأن الصبر مفتاح كل فرج وهو طريق لتحقيق كل غاية.
يجب على الداعين إلى الله سبحانه وتعالى أن يتحلوا بالصبر في دعوتهم إلى الله لأنه بالصبر ينالون غايتهم.
الإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى وترديد دعاء يونس عليه السلام الذي ألهمه الله إياه وهو لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لأن هذا الدعاء جامع لكل خير ففيه توحيد الله وتنزيهه عن الشرك والأعتراف بفضله على عباده.
عدم التكبر والتعالي لأن ذلك من شيم الأنبياء كما فعل نبي الله يونس عليه السلام حين قام بإلقاء نفسه في البحر دون الألتفات إلى نبوته.


يونس