admin
13-09-2022 - 02:08 pm


قصة سيدنا يوسف عليه السلام
هو نبي الله يوسف بن يعقوب بن إسحاق ابن الخليل إبراهيم عليه السلام، فهو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم.

رؤية يوسف في المنام

رأى سيدنا يوسف عليه السلام في منامه وكان طفلاً صغيراً أن الشمس والقمر يسجدان له ومعهما 11 كوكباً جميعهم ساجدين لسيدنا يوسف عليه السلام، وجاء في تفسير هذه الرؤيا أن الشمس هي أمه وذلك لأنها مؤنثة، وأن القمر أبوه لأنه مذكر، والنجوم هي أخوة يوسف عليه السلام، وذكر بعض أهل التفسير أن الشمس أمه والقمر إنما هو خالته، وكان عمر سيدنا يوسف عليه السلام حينها لم يتجاوز 12 سنة، فخاف نبي الله يعقوب عليه السلام على ابنه يوسف، وأمره أن لا يخبر إخوته خوفاً من حسدهم وغيرتهم من يوسف عليه السلام.

موت أم يوسف

لم تكن أم سيدنا يوسف عليه السلام تنجب من سيدنا يعقوب، وكان لسيدنا يعقوب ولداً كثيراً من زوجته الثانية، وغارت أم يوسف عليه السلام، ودعت ربها أن يرزقها بولدين من سيدنا يعقوب فاستجاب الله لها، فأنجبت الأول وهو يوسف عليه السلام ثم بعد ذلك أنجبت أخوه الشقيق وهو بنيامين، وتوفت بعد ولادة بنيامين، فتركت يوسف وبنيامين صغاراً لذلك كانوا أحب إلى أبيهم من إخوتهم.

كيد إخوة يوسف

لما قص سيدنا يوسف عليه السلام الرؤيا التي رآها على والده يعقوب عليه السلام وأمره ألا يخبر إخوته بتلك الرؤيا، واهتم نبي الله يعقوب عليه السلام بابنه يوسف الصغير اهتماماً بالغاً جعل إخوته يكيدون له ويريدون التخلص منه، فبدأ إخوة يوسف عليه السلام بمجادلة أبيهم في حبه لابنه يوسف، وكانوا يحسدون يوسف عليه السلام من قربه هو وأخيه الشقيق من أبيهم ولا شك أن يوسف عليه السلام أحب أبناء يعقوب إليه، ومن هنا ظهر حسد إخوة يوسف له وكيدهم به، وكانوا يرون أنهم لكثرتهم هم أحق بمحبة يعقوب عليه السلام، وأن نبي الله يعقوب كان مخطئاً في حبته ليوسف، ولكن المتأمل في القصة يجد أنهم هم المخطئون، لأنهم كانوا عدة وكان يوسف وأخيه اثنين وكانوا أكبر منهما سناً ولا يحتاجون للرعاية التي يحتاج إليها يوسف وأخيه بنيامين.

إلقاء يوسف في الُجب

بعد أن تأكد أخوة يوسف عليه السلام من حب أبيهم له، تآمروا فيما بينهم أن يقوموا بقتل يوسف عليه السلام أو إخراجه خارج القرية التي يعيشون فيها، فقالوا اقتلوه أو إطرحوه أرضاً، وبذلك يخلو لكم وجه أبيكم، وقد تخيروا للإبعاد يوسف عليه السلام طريقاً من اثنتين إما أن يقتلوه، وإما أن يطرحوه خارج القرية على طريق لا يعرف أن يعود منها إلى قريته مرة ثانية، ولكن تدخل أخ لهم وهو يهوذا، وأشار عليهم أن يقوموا بإلقاء يوسف عليه السلام في بئر ماء لعل أحداً من المارين يقوم بطلب الماء فيجد يوسف في البئر فيحمله معه إلى أرض بعيدة لا يستطيع يوسف أن يعود منها، وبالفعل استأذن أخوة يوسف عليه السلام من أبيهم أن يذهبوا بأخيهم يوسف لكي يلعب معهم في الفسحة التي يعدونها لأنفسهم، وفي البداية اعتذر سيدنا يعقوب عليه السلام لطلبهم ولم يوافقهم على أخذ يوسف معهم قائلاً لهم أنه يخاف أن ينشغلوا عنه فيأتي الذئب فيأكله، فأجابوا على أبيهم بأنهم سيأخذون حذرهم ولا يتركون يوسف وحده، وأنهم يريدونه أن يخرج معهم للهو واللعب والسرور فوافق سيدنا يعقوب عليه السلام على ذلك، وبالفعل ذهب أخوة يوسف عليه السلام ومعهم يوسف وأظهروا له في طريقهم ما كانوا يخفونه من قبل من كيد به وعداوة له، وما أن ذهبوا عند البئر إلا وانتزعوا عنه قميصه الذي كان يرتديه ليكون دليلاً لهم أمام أبيهم إذا رجعوا إليه، وجاءوا ببعض الدماء ولطخوا بها القميص، وقاموا بإلقاء يوسف عليه السلام في البئر، وفي نهاية اليوم عادوا إلى دارهم ورسموا الحزن على وجوههم، فلما دخلوا على سيدنا يعقوب عليه السلام علم أنهم دبروا له مكيدة للتخلص منه، فسألهم يعقوب عليه السلام عن يوسف فقالوا أكله الذئب، وأعطوه القميص وعليه دم كاذب.

كيف نجا يوسف من البئر

بعد أن ألقى إخوة يوسف عليه السلام أخوهم يوسف في البئر وظل يوسف في البئر ثلاثة أيام لم يراه أحد، وفي اليوم الثالث مرت قافلة من جانب البئر كانت تتجه إلى مصر فأرادوا أن يستخرجوا ماءً من البئر، فارسلوا أحدهم بدلو كان معه ليأتي لهم بالماء، وما إن وصل هذا الرجل إلى البئر ورمى بدلوه في البئر إلا وأمسك سيدنا يوسف عليه السلام بالدلو، فلما رآه هذا الرجل أخرجه وأعجب به وأخذوه معهم، وقيل أن إخوة يوسف عليه السلام لما رأوا القافلة أخرجت يوسف من البئر ذهبوا إليهم وقالوا لهم أن هذا الغلام هو عبد آبق منهم ويريدون أن يبيعوه، واشترته القافلة منهم بدراهم قليلة جداً لا تعد، وقيل أيضاً أن الذي استخرجه من البئر أخذه هو وأصدقائه وأخفى أمره عن باقي القافلة، ولما جاءوا إلى مصر وباعوه في السوق بثمن بخس، واشتراه عزيزة مصر وطلب من أهل بيته أن يحسنوا إليه ويكرموه عسى أن يكون نفعاً لهم فيما بعد.

امرأة العزيز ويوسف

تربى سيدنا يوسف عليه السلام في بيت عزيز مصر فلما شب وكبر ورأت زوجة عزيز مصر حسن يوسف عليه السلام وجماله، أخذت تراوده عن نفسه وتتصنع له لكي توقعه في حبها، ومرت الأيام ونبي الله يوسف عليه السلام يبتعد عنها، وفي يوم من الأيام اختلت إمرأة العزيز بسيدنا يوسف عليه السلام، وقامت بإغلاق جميع الأبواب، وتزينت بأفضل الزينة ولبست أحسن الثياب، وقالت لسيدنا يوسف عليه السلام لقد هيئت نفسي إليك وتزينت من أجلك، ولكن يوسف عليه السلام نبياً من الأنبياء، والأنبياء معصومون جميعاً، فدفعها سيدنا يوسف وخرج مسرعاً نحو الباب ولكنها أسرعت خلفه وأمسكت بقميصه من الخلف، ومع سرعة سيدنا يوسف عليه السلام قطع القميص من الخلف، وما إن وصل سيدنا يوسف عليه السلام إلى الباب وفتحه إلا ووجد زوجها بجانب الباب، فلما رأت زوجة العزيز أن أمرها قد افتضح، أخبرت زوجها بأن يوسف قد راودها عن نفسها وأنها امتنعت منه، وقال يوسف عليه السلام بل هي التي راودتني عن نفسي واختصما الاثنين أمام عزيز مصر، وكان ابن عمها يجلس مع زوجها في هذا اليوم، فأراد ابن عمها أن يتبين الأمر ويعلم الحقيقة، فطلب قميص يوسف عليه السلام وقال قبل أن يرى القميص إن كان قميص يوسف شق من الأمام فإن يوسف هو الذي راودها عن نفسها وهي صادقة في دعواها، وأما إذا كان القميص شق من الخلف فإنها تكون هي التي راودته عن نفسه ففر هارباً منها وأمسكت به من الخلف فقطعت قميصه فهو صادق وهي كاذبة، ولما رأى ابن عمها قميص يوسف عليه السلام قد قطع من الخلف علم أنه صادق وأنها هي الكاذبة، وتبين لهم الأمر وثبت عندهم عفة يوسف وبراءته.

قصة النسوة التي قطعن أيديهن

لما راودت امرأة العزيز سيدنا يوسف عن نفسه وامتنع منها، وعلم الجميع أمرها تحدثت النسوة في المدينة بأن امرأة عزيز مصر تراود غلامها الصغير يوسف عن نفسه، فلما سمعت بذلك الكلام أرسلت إلى النسوة اللاتي تكلمن بهذا الكلام وجمعتهمن في بيتها، وأعدت لهن فاكهة كثيرة، وجلسة يتكؤن عليها، وقامت بإعطاء كل واحدة منهن سكاناً لكي يقطعوا بها الفاكهة التى معهمن، وعندما بدأ النسوة في تقطيع الفاكهة قالت امرأة العزيز لسيدنا يوسف عليه السلام أدخل على هؤلاء النسوة، فلما دخل عليهن يوسف عليه السلام فتن به وأعجبن بجماله، وقمن بتقطيع أصابعهن بدلاً من تقطيع الفاكهة التي كانت في أيديهم، فاخبرتهم امرأة العزيز أن هذا الغلام هو الذي راودته عن نفسه وامتنع مني فأنكر النسوة على سيدنا يوسف عدم طاعته لسيدته، وقيل أن النسوة راودنا يوسف عن نفسه كل واحدة كانت تريده لنفسها، وقيل أيضاً بأن امرأة العزيز هي التي أشارت على زوجها بسجنه لكي ينزجر يوسف ويقوم بتنفيذ طلبها، ولما رأى يوسف عليه السلام ذلك منهن دعا ربه أن يصرف عنه كيدهن، واختار سيدنا يوسف عليه السلام أن يدخل السجن فقال السجن أحب إلي من معصية الله عز وجل، وبعد ما تبين لهم براءة يوسف عليه السلام قاموا بإلقائه في السجن لمنع القيل والقال.

يوسف مع صاحبيه في السجن

بعد ما أمر عزيز مصر بسجن يوسف عليه السلام، ودخل سيدنا يوسف عليه السلام السجن وكان معه عبدين كانا يعملان عند الملك، ولقد استخدم القرآن الكريم لفظة صاحبيه لأنهما قد دخلا معه السجن في نفس اليوم الذي دخل فيه سيدنا يوسف عليه السلام السجن، ولما رأوا حسن أخلاق سيدنا يوسف عليه السلام وجميل طباعه أخذوا يقتربوا منه، وكان كل واحد منهما قد رأى رؤيا في منامه، وكانوا يعلمون أن نبي الله يوسف عليه السلام يحسن تأويل الرؤيا، فقص الأول رؤياه على سيدنا يوسف عليه السلام أنه رأى في منامه أنه يحمل على رأسه طعاماً تأكل منه الطيور، فأخبره نبي الله يوسف عليه السلام أنه سوف يتهم بأنه وضع السم للملك في الطعام لأنه كان خباز الملك أي الرجل الذي يعد له الطعام، وسوف يقوم الملك بصلبه على خشبة حتى يموت، وسوف تأكل الطير من جسده، وأما الثاني فحكى لسيدنا يوسف عليه السلام أنه رأى في منامه أنه يعصر الخمر، فأخبره سيدنا يوسف عليه السلام أنه سيكون ساقياً للملك، وقال سيدنا يوسف عليه السلام للذي أخبره أنه سوف ينجى من القتل وأنه سيكون ساقياً للملك لا تنسى أن تذكرني عند الملك، ولكن الشيطان أنسى صاحبه أن يذكر سيدنا يوسف عند الملك، فلبث سيدنا يوسف عليه السلام في السجن عدة سنين قيل أنها سبع سنين والله أعلم.

تفسير يوسف لرؤيا الملك

رأى عزيز مصر في منامه ذات ليلة رؤيا غريبة ولم يعرف لها تفسيراً فجمع الملأ الذين كانوا عنده في قصره في صباح ذلك اليوم، وقص عليهم الرؤيا التى رأها في نومه، وقال أنه رأى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع بقرات أخرى ضعاف، ورأى أيضاً سبع سنبلات خضر تأكلهن سبع سنبلات يابسات، وعجز الملأ عن تفسير رؤية الملك وأخبروه أنها أضغاث أحلام وأنها لا تفسير لها ولا دلالة لها على شيء، وهنا تذكر ساق الملك الذي أخبره سيدنا يوسف عليه السلام بتأويل رؤياه من قبل وتحققت وطلب منه أن يذكره عند الملك أن سيدنا يوسف عليه السلام هو الذي يستطيع تأويل رؤية الملك، فذهب ساق الملك إلى نبي الله يوسف عليه السلام في السجن فدخل عليه ورحب به وكان قد اشتاق إليه، وناداه بالصديق لأنه صدق فيما أخبرهما به قبل ذلك، ولما قص عليه رؤية الملك فسرها سيدنا يوسف عليه السلام قائلاً لهم أنكم سوف تزرعون سبع سنين وتحصدون فيها، ولكن عليكم أن تلاكلوا شيئاً قليلاً من هذا الحصاد وأن تتركوا باقي الحصاد في سنابله، لأنه سيأتي عليكم بعد ذلك سبع سنين أخرى كلها قحط وجدب تأكلون في هذه السنين ما كنتم قد ادخلتموه من السبع سنين الأولى وخبئتموه لهذه السبع ذات القحط، ثم يأتي بعد ذلك العام الثامن تمطر فيه السماء فيغاث الناس ويأتي الفرج من عند الله سبحانه وتعالى، ويخرج الزرع من الأرض بإذن ربه وتعصرون فيها عصير العنب والزيتون الذي تعودتم علي عصره، وأخبره سيدنا يوسف عليه السلام أن البقرات الضعاف والسنبلات اليابسات إنما هي سنين القحط، وأن البقرات السمان والسنبلات الزاهيات إنما هي سنين الخير.

براءة يوسف

بعد أن قام سيدنا يوسف عليه السلام بتفسير رؤيا الملك لصاحبه الذي نجى، وذهب صاحبه إلى الملك، وأخبره أن يوسف عليه السلام قام بتأويل رؤياه وحكى له ما قاله يوسف عليه السلام، فأعجب الملك بهذا إعجاباً باهراً وقال لساقيه اذهب وآتني بيوسف، ولما وصل الرجل إلى السجن وأخبر سيدنا يوسف عليه السلام أن الملك يريد رؤياه، قال له سيدنا يوسف عليه السلام ارجع إلى الملك واطلب منه أن يسأل النسوة اللواتي قمن بتقطيع أيديهن، والمتأمل في هذا يجد أن يوسف عليه السلام ذكر النسوة ولم يذكر امرأة العزيز وذلك لكي يأمن مكرها، وطلب الملك النسوة اللاتي قطعن أيديهن ولما أجتمعن أمامه وكانت امرأة العزيز معهن، سألهن الملك ما قولكن في يوسف عليه السلام وما الذي حملكن على مراودته عن نفسه، فاعترفن حينها أن يوسف عليه السلام لم يصدر منه أي شيء تجاههن وأنه منزه عن الرذيلة وأنهن لم يرين منه سوء قط، وهنا قامت امرأة العزيز وبرأت يوسف عليه السلام فقالت أنها هي التي راودت يوسف عن نفسه، وأنه بريء مما نسب إليه، وأنه من الصادقين.

تعيين يوسف على خزائن مصر

بعد أن ظهرت براءة سيدنا يوسف عليه السلام طلب منه الملك أن يكون معه لكي يواجهوا السنين العجاف وسنين القحط بالخطة التي وضعها سيدنا يوسف عليه السلام، فقال له سيدنا يوسف اجعلني على خزائن الأرض، أي مكني من خزائن أرض مصر فإني عليها قوي قادر على القيام بأمرها، أمين على ما بها، وقام سيدنا يوسف عليه السلام بتنفيذ خطته، وأخذوا يزرعون في السبع سنين الأولى وواجهوا المحنة التي مرت عليهم في السبع سنين التالية وذلك بفضل ذكاء نبي الله يوسف عليه السلام.

ذهاب أخوة يوسف إلى مصر

من المعلوم أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يتصفون بالصدق ويتحلون به، وهذا ما حدث مع نبي الله يوسف الصديق عليه السلام عندما أخبرهم بأنهم سيأتي عليهم سبع سنوات لا تمطر فيها السماء ولا تخرج الأرض فيها زرعاً، وحدث ذلك بالفعل وعم القحط البلاد، حتى أن بلاد الشام لم يكن بها زرع ولم يدخروا لهذه السنوات شيئاً مما كانوا يزرعونه، وعلم الجميع بأن مصر بها خزائن مملوءة من الزروع والثمار قد ادخروها لمواجهة هذه المرحلة، وجمع سيدنا يعقوب عليه السلام ولده جميعاً إلا بنيامين أخو يوسف عليه السلام وأمرهم أن يخرجوا إلى أرض مصر ليجلبوا الطعام إلى أبنائهم وأزواجهم فخرج أخوة يوسف عليه السلام من أرض الشام إلى أرض مصر يطلبون الطعام لأهلهم، ولما وصلوا أرض مصر و استأذنوا على عزيزها أذن لهم، فلما دخلوا على يوسف عليه السلام لم يعرفوه لأنه قد تغير شكله وهم لم يروه منذ صغره، ولكن نبي الله يوسف عليه السلام لذكائه وفطنته عرفهم، وهنا سألهم سيدنا يوسف عن أخ لهم من أبيهم فأخبروه بأن لهم أخ من أبيهم وأنهم تركوه مع أبيهم، فطلب منهم يوسف الصديق أن يحضروه معهم في المرة القادمة وأن يبقى أحد منهم غيره مع أبيهم، وأكرمهم سيدنا يوسف عليه السلام أيما إكرام وأحسن نزلهم وجهزهم بجهازهم للسفر وتوعدهم إن لم يأتوا بأخيهم فلا كيل لهم عنده.

سرقة صواع الملك

لما عاد إخوة يوسف عليه السلام من أرض مصر إلى أرض كنعان ومعهم راحلتهم التي يرتحلون عليها ووصلوا إلى أبيهم يعقوب عليه السلام وأخبروه بما حدث وأن عزيز مصر يريد أن يرى أخاهم من أبيهم وأنه منع منهم الكيل ولم يعطهم شيئاً، ولكنهم عندما فتحوا أمتعتهم وجدوا أن يوسف عليه السلام قد وضع لهم بضاعتهم كرماً منه لكي يعودوا إليه مرة ثانية، وبعد إلحاح شديد على يعقوب عليه السلام وافق سيدنا يعقوب على إرسال ولده بنيامين معهم، وذلك بعد أن أخذ عليهم موثقاً أمام الله عز وجل أن لا يفرطوا في أخيهم وأن يرجعوا به، ولما جاء أخوة يوسف ودخلوا عليه عرف يوسف أخيه وعرفه به، وقام سيدنا يوسف عليه السلام بدس دلو الساقية الذي يشربون منه وكان صاعاً فاخراً مصنوعاً من الذهب ومزيناً بالجواهر دسه سيدنا يوسف عليه السلام في رحل أخيه بنيامين، ولما خرجوا من عنده بعث خلفهم منادي ينادي عليهم أيتها القافلة مكانكم، أنكم سارقون، وأوقفهم المنادي وبدأ يفتشهم وأنكروا عليه اتهامهم بالسرقة، وكان في شريعتهم عقوبة السارق أن يأخذه المسروق لنفسه، وفتش رحالهم جميعاً قبل أن يصل إلى رحل أخيه وفي النهاية استخرج الدلو من رحل أخيه فاتهموه كذباً وبهتاً قائلين أنه كان له أخ فعل مثل هذا الفعل قبل ذلك، أي سرق أخوه الأكبر منه من قبله وكانوا يقصدون يوسف عليه السلام، فعرف يوسف عليه السلام مقصدهم ولم يخبرهم بشيء.

يوسف وبنيامين في بيت الملك

لما قاموا بتفتيش أخوة يوسف واكتشفوا أن السارق إنما هو بنيامين وأخذوا بنيامين وذهبوا به إلى يوسف عليه السلام، قام إليه يوسف وضمه إليه واخبره بأنه أخوه، وأخبر بنيامين بما حصل له مع أخوته، وأخبره عن حال أبيه، وقص سيدنا يوسف عليه السلام قصته على أخيه وما فعله معه أخوته في الصغر وما آل إليه مصير يوسف عليه السلام بسبب تصرف أخوته، وبقي بنيامين مع أخيه يوسف عزيز مصر في أرض مصر ولم يرجع إلى أرض كنعان.

كيف رد الله بصر يعقوب

لما أخذ سيدنا يوسف عليه السلام أخاه بنيامين وأبقاه معه في مصر ورجع أخوة يوسف إلى أبيهم يعقوب عليه السلام في أرض كنعان وأخبروه بما حدث وأنهم صادقين في دعواهم بأن أبنه بنيامين سرق، وأن العمال أخرجوا الدلو المسروقة من رحل أخيهم بنيامين أمام أعينهم وأخذه الملك له بسبب سرقته للدلو (فهذا كان شرعهم) فحزن سيدنا يعقوب عليه السلام حزناً شديداً وكان قد فقد بصره قبل ذلك من البكاء والحزن على فراق سيدنا يوسف عليه السلام، ولما رأى أخوة يوسف الحالة التي كان عليها أبوهم وما أصابه من الحزن ندموا ندماً شديداً، فقال لهم سيدنا يعقوب عليه السلام يا بني اذهبوا لأرض مصر وابحثوا عن يوسف وأخيه، ولا تيأسوا من روح الله ورحمته لأنه لا ييأس ولا يقنط من رحمة الله إلا الكافرون فقط، وبالفعل خرج أخوة يوسف عليه السلام إلى أرض مصر يبحثون عن أخوتهم يوسف وبنيامين، ولما جاءوا إلى يوسف عليه السلام وأخبروه بحال أبيهم وما بلغ به من الحزه والأسى قال لهم سيدنا يوسف عليه السلام هل نسيتم ما فعلتم بيوسف وأخيه فعرفوه في تلك المرة وقالوا له مستنكرين أنت يوسف، قال يوسف عليه السلام نعم أنا يوسف وهذا بنيامين أخي امتن الله علينا سبحانه وتعالى بعظيم فضله وواسع جوده وأعطاهم سيدنا يوسف عليه السلام قميصاً من ملابسه التى كان يرتديها، وقال اذهبوا بهذا القميص وضعوه على وجه أبي يرتد إليه بصره، واحضروا عندي جميعاً، فلما رجعوا إلى أرض كنعان قال سيدنا يعقوب عليه السلام إني أشم رائحة يوسف، قالوا إنك في ضلال كبير، إن يوسف قد فقدناه من زمن بعيد وأنت لا زلت تنتظر لقائه، ولما جاء الذي كان معه القميص وألقاه على وجه سيدنا يعقوب عليه السلام عاد إليه بصره، وقال لهم ألم أقل لكم قبل ذلك إني أعلم من الله ما لا تعلمون أنتم، وفرح سيدنا يعقوب بذلك فرحاً شديداً.

سجود أخوة يوسف وتحقيق رؤيته

لما جاء أخوة يوسف عليه السلام ومعهم أبوهم يعقوب دخلوا على سيدنا يوسف فأجلسه في مجلسه، وكان أخوة يوسف جالسون بجوار وأما أبويه فرفعهما على مجلس أعلى من المجلس الذي كانوا عليه، وسجد ليوسف عليه السلام إخوته الأحد عشر وأبوه وأمه، ولم يسجدوا له سجود عبادة لأن سجود العبادة لا يجوز إلا لله عز وجل، وإنما سجدوا له سجود احترام وتقدير وتكريم، فقد كان يجري السجود عندهم مجرى المصافحة والتحية وتقبيل اليد، وتحققت بذلك رؤيا يوسف عليه السلام التي كان قد رآها قبل ذلك في صغره وقصها على والده، والمتأمل في قصة سيدنا يوسف عليه السلام يجد أنها قد بدأت بتلك الرؤيا وانتهت بتحقيقها.

الدروس المستفادة

من قصة سيدنا يوسف عليه السلام
إذا تأملنا قصة سيدنا يوسف عليه السلام فإننا نجد فيها كثيراً من المواعظ البالغة، والدروس المستفادة، والعبر السامية، ومنها.
الحسد والغيرة سبيلين من سبل الشيطان، حيث جعل الحسد الأخوة يتآمرون على أخيهم، فيجب على كل إنسان مسلم أن يتنزه عن مثل هذه الخصال السيئة.
اليقين في الله عز وجل سبب للنجاة، فقد نجى الله سيدنا يوسف عليه السلام من مكائد أخوته، ومن كيد امرأة العزيز له أيضاً.
أن رؤيا الأنبياء حق لأن الله عز وجل قد أمدهم بالبصيرة التي تمكنهم من معرفة الصح من الخطأ.
قدرة الله عز وجل لا يعجزها شيء وأن الله يقول للشيء كن فيكون، فقد رد الله سبحانه وتعالى بصر نبيه يعقوب عليه السلام بعد فقده مدة طويلة.
حسن التوكل على الله عز وجل سبب لنيل كل خير ودفع كل شر، فقد جمع الله سيدنا يوسف بأخيه بنيامين وبأهله من بعده.
إخلاص العبادة لله عز وجل يوجب عدم الوقوع في المعصية، كما حكي القرأن ذلك في قصة يوسف مع امرأة العزيز، وأن الله سبحانه وتعالى عصمه من الوقوع في تلك المشكلة، لأنه كان من المخلصين.


يوسف