admin
09-08-2022 - 03:14 pm


قصة سيدنا هارون عليه السلام
جاء ذكر سيدنا هارون عليه السلام في القرآن الكريم في أكثر من موضع وهذا إن دل فإنما يدل على نبوة هارون عليه السلام، وهارون عليه السلام هو أخو سيدنا موسى الذي أرسله الله سبحانه وتعالى إلى فرعون وقومه، حيث طغوا في الأرض وتجبروا وأكثروا فيها الفساد، فأرسل الله سبحانه وتعالى سيدنا موسى إليهم يدعوهم إلى عبادة الله وحده وعدم الإشراك به، ولما جاء أمر الله سبحانه وتعالى إلى سيدنا موسى بالرسالة، طلب سيدنا موسى عليه السلام من ربه أن يرسل إلى أخاه هارون ليكون نبياً مع سيدنا موسى ويساعده في الدعوة، فقال موسى عليه السلام لربه يا رب اجعل أخي هارون وزيراً لي لكي أشاركه في أمري، وأشد به أزري أي أقوي به ظهري.

صفات هارون

تميز سيدنا هارون على سيدنا موسى في بعض الصفات
لقد تميز سيدنا هارون عليه السلام ببعض الصفات التي كانت سبباً لطلب سيدنا موسى عليه السلام أن يرسل الله إلى هارون بالنبوة ومن هذه الصفات.
كان يتميز هارون عليه السلام باللين والهدوء، فكان يواجه المواقف التى تعرض له بهدوء وسكينة.
لم يكن سريع الغضب والانفعال.
كان سيدنا هارون عليه السلام شديداً في الحق لا يخشى فيه لومة لائم.
كان قوياً شديد البنيان وساعد ذلك سيدنا موسى عليه السلام في أن يبلغ دعوته التي أرسلها إليه ربه، وكان ذلك يخدم الدعوة لأنه كان يلقي الرعب والخوف في قلوب أعدائه مما جعل سيدنا موسى عليه السلام واثقاً من تبليغ الدعوة ومطمئناً.
كان سيدنا هارون عليه السلام فصيحاً كما حكى القران ذلك حين طلب موسى عليه السلام من ربه أن يرسل إلى هارون معللاً طلبه بأن هارون افصح منه لساناً.
كان سيدنا هارون عليه السلام جميل الخلقة، وكان وسيماً مما جعل الناس ترتاح إليه ويقبلون منه.

دور هارون في الدعوة

لما أمر الله سبحانه وتعالى سيدنا موسى عليه السلام أن يذهب إلى فرعون وقومه ليدعوهم إلى الله وحده وأن يتركوا ما هم عليه من الضلال والشرك، وأعطاه الله سبحانه وتعالى عديداً من المعجزات التي تؤيد صدق نبوته وتثبت صحة ما جاء به من ربه، ومنها العصا التي انقلبت إلى أفعى بعد ذلك، لأنهم كانوا قد اشتهروا بالسحر في هذا الزمان، وبالفعل توجه سيدنا موسى عليه السلام إلى فرعون، وأخذ معه أخاه هارون وكان قد أرسل الله إليه فصار نبياً وكان سيدنا هارون عليه السلام خير معين لسيدنا موسى، فكان يحميه ويدافع عنه وتحمل معه أذىً كثيراً، فكان سيدنا هارون عليه السلام يدعو الناس لعبادة الله سبحانه وتعالى بعزيمة وثبات، كان يأمرهم بفعل الخير وترك الشر فكان سنداً لسيدنا موسى عليه السلام ونعم السند.

إستخلاف موسى لهارون

لما ذهب سيدنا موسى عليه السلام للقاء ربه بعد أن نجاه الله سبحانه وتعالى هو وسيدنا هارون والذين أمنوا معهم من فرعون وظلمه وتجبره، وخرجوا من أرض مصر قاصدين بيت المقدس ولما رأى بنو إسرائيل قوماً يعبدون الأصنام طلبوا من سيدنا موسى عليه السلام أن يجعل لهم أصناماً لكي يعبدونها مثل هؤلاء القوم، فنهاهم سيدنا موسى عليه السلام عن ذلك، وغضب منهم غضباً شديداً خوفاً من غضب الله عليهم وبين لهم أنهم لو فعلوا ذلك فإنه يكون سبباً في هلاكهم، وتركهم سيدنا موسى عليه السلام وذهب إلى جبل الطور، واستخلف عليهم سيدنا هارون عليه السلام ليقوم بشؤونهم ويرعى مصالحهم ويوجههم إلى الخير وينهاهم عن الشر.

موقف هارون من السامري

كان في بني إسرائيل رجل يسمى السامري فقام هذا الرجل بالإحتيال على بني إسرائيل وأقنعهم أن يحضروا له كل ما يستطيعون من الحلي والذهب الذي أخذوه من مصر قبل خروجهم منها وجاءوا به إلى الأرض المقدسة، وبالفعل أحضروا له الذهب والحلي وقام السامري بإذابة هذا الحلي والذهب وصنع لهم صنماً كبيراً على شكل عجل ضخم، وكان هذا الصنم مفرغاً من الداخل وكلما مر الهواء بداخله أصدر صوتاً يشبه صوت العجل فأعجب بنو إسرائيل بهذا الصنم وخدعهم السامري ودعاهم لعبادة هذا العجل وترك عبادة الله سبحانه وتعالى، وأطاع بنو إسرائيل السامري فعبدوا العجل من دون الله، ولكن سيدنا هارون عليه السلام تبرأ من فعلهم وأخبرهم أنه مجرد صنم لا يملك لهم نفعاً ولا يملك لهم ضراً وأخذ يدعوهم إلى عبادة الله سبحانه وتعالى وحده ويأمرهم بالتوبة والرجوع عما قاموا به من عبادة هذا العجل، ولكن حالهم كان كحال المشركين المستكبرين في كل زمان ومكان فرفضوا دعوة سيدنا هارون عليه السلام واستمروا في عبادة العجل الذي صنعه لهم السامري، فأقلع عنهم سيدنا هارون عليه السلام وابتعد عنهم حتى يرجع موسى.

عودة موسى ومعاتبته لهارون

لما عاد سيدنا موسى عليه السلام من تعبده لربه عند جبل الطور ورأى ما حل ببني إسرائيل من عبادة العجل بسبب جهلهم واتباعهم للسامري، ذهب موسى إلى سيدنا هارون عليه السلام وغضب عليه غضباً شديداً وأمسكه من لحيته وأخذ يجر برأسه نحوه معاتباً له عما فعل قومه في وجوده، من عبادة هذا العجل، فأخبره سيدنا هارون عليه السلام أنه لا ذنب له في فعل بني إسرائيل وأنه نهاهم عن عبادة العجل بما استطاع من قوة، ولكنهم أبوا واستكبروا ورفضوا إلا عبادة العجل وهددوا سيدنا هارون بقتله إن لم ينتهي، وخاف سيدنا هارون أن يتنازع القوم ويتفرقوا فجلس ينتظر عودة سيدنا موسى عليه السلام، ولقد حكى القران الكريم ذلك تفصيلاً فقال ربنا سبحانه وتعالى:( فلَمَّا رَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي ۖ أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ ۖ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ ۚ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ). ثم توجه سيدنا موسى عليه السلام إلى السامري وسأله عن سبب فعله قائلاً له ما الذي حملك على هذا ياسمري، فأخبره أن الشيطان قد وسوس إليه بفعل هذا فسولت له نفسه أيضاً، ثم أخذ سيدنا موسى عليه السلام ذلك الصنم وقام بحرقه ثم رمى ترابه في اليم.

الدروس المستفادة

من قصة سيدنا هارون عليه السلام
في قصة سيدنا هارون عليه السلام دروس كثيرة نذكر منها.
يجب على الإنسان أن يكون معيناً لأخوته يهتم بأمرهم ويسعى لتحقيق مصالحهم فإن الأخ خير سند وخير معين كما كان هارون مع موسى عليهما السلام.
وجوب الثبات على الحق والإيمان لأن هذا هو الطريق المستقيم، الطريق الذي يؤدي إلى النجاة في الدنيا والآخرة معاً.
يجب على الإنسان أن يكون ناصحاً لغيره يدلهم على ما فيه نفعهم ويأمرهم به، وما فيه ضرهم وينهاهم عنه، وأن يأمر الناس بفعل الطاعات وينهاهم عن فعل المنكرات كما كان سيدنا هارون عليه السلام حريصاً مع بني إسرائيل على ذلك.
يجب على كل إنسان أن يستخدم ما أنعم الله به عليه من مواهب وقدرات ويسخرها لخدمة دين الله عز وجل والدعوة إليه.
عدم اتباع من يحاول إبعاد الناس عن دينهم والحذر منهم لأنهم لا يريدون الخير للناس كما جاء في قصة السامري الذي صنع عجلاً لبني إسرائيل وأمرهم بعبادته من دون الله سبحانه وتعالى.
الصبر على طاعة الله عز وجل وعدم الحيد عن الطريق المستقيم، لأن الصبر على طاعة الله أمر واجب شرعاً.


هارون