admin
23-07-2022 - 05:22 pm


قصة سيدنا داود عليه السلام
ينتهي نسب سيدنا داود والد سيدنا سليمان عليهما السلام إلى نبي الله إبرهيم عليهم السلام جميعاً، ولقد اجتمع لسيدنا داود عليه السلام الملك والنبوة معاً ولم تجتمع لأحد غيره من قبله ولا من بعده فكان داود عليه السلام ملكاً نبياً، وجاء في بعض الكتب أن نبي الله داود عليه السلام كان أصغر أخوته وكان له أثنا عشر أخ غيره، وكان داود عليه السلام ماهراً في الرماية بالمقلاع وهي أسلوب من أساليب الحرب في زمانه.

لماذا صار داود ملكاً

في يوم من الأيام سمع نبي الله داود عليه السلام نداء الملك طالوت أنه من يقتل جالوت سوف يزوجه الملك طالوت من ابنته وينصبه ملكاً معه أو يشركه في ملكه ويخلفه فيه من بعده، وكانت ابنة الملك طالوت ذات جمال وحسن ورغب سيدنا داود عليه السلام في أن يتزوج من ابنة الملك طالوت ويكون ملكاً، فسمع حصوات تتحدث إليه بأنه سوف يقتل جالوت بتلك الحصوات فالتقطها نبي الله داود عليه السلام وقام بوضعها داخل مقلاعه وقذف بها جالوت فقتله، وتزوج داود من ابنة الملك طالوت وصار ملكاً على بني إسرائيل فأحبوه لعدله في حكمه ورجاحة عقله وحكمته، ولقد آتاه الله سبحانه وتعالى إلى جانب الملك والنبوة أنه كان بارعاً في الفصل بين الخصوم فقال تعالى عن النبي داود عليه السلام ( وَهَلۡ أَتَىٰكَ نَبَؤُا۟ ٱلۡخَصۡمِ إِذۡ تَسَوَّرُوا۟ ٱلۡمِحۡرَابَ ۝٢١ إِذۡ دَخَلُوا۟ عَلَىٰ دَاوُۥدَ فَفَزِعَ مِنۡهُمۡۖ قَالُوا۟ لَا تَخَفۡۖ خَصۡمَانِ بَغَىٰ بَعۡضُنَا عَلَىٰ بَعۡضࣲ فَٱحۡكُم بَیۡنَنَا بِٱلۡحَقِّ وَلَا تُشۡطِطۡ وَٱهۡدِنَاۤ إِلَىٰ سَوَاۤءِ ٱلصِّرَ ٰ⁠طِ ۝٢٢ إِنَّ هَـٰذَاۤ أَخِی لَهُۥ تِسۡعࣱ وَتِسۡعُونَ نَعۡجَةࣰ وَلِیَ نَعۡجَةࣱ وَ ٰ⁠حِدَةࣱ فَقَالَ أَكۡفِلۡنِیهَا وَعَزَّنِی فِی ٱلۡخِطَابِ ۝٢) أي الفصل بين المتخاصمين وكان نبي الله داود عليه السلام يمتاز بحسن صوته وترنمه أثناء قراءته، فكان لا يسمع صوته أحد إلا ويقترب منه وينصت إليه ولا يستطيع أن يبتعد عنه طول قراءته لجمال صوته، وصار يضرب به المثل في حسن الصوت، فيقال للرجل حسن الصوت لقد أوتيت مزماراً من مزامير داود عليه السلام.

داود وسليمان في الحرث

المعروف أن الأرض يطلق عليها الحرث إذا كانت صالحة للزرع، وذلك لأنها تخرج محصولها بعد حرثها من قبل صاحبها أو القائم عليها، ولقد جاء لنبي الله داود عليه السلام ذات يوم خصومه أو قضية كان مفادها أن أحد الأشخاص كان له أغناماً، فنزلت هذه الأغنام أرض شخص آخر وكانت تلك الأرض مزروعة، فعاثت الأغنام فيها فساداً وأهلكت ما بها من زرع، وقيل أن هذه الأرض كانت مزروعة عنباً، ولما اشتكى صاحب الأرض أو الحرث لنبي الله داود عليه السلام قضى سيدنا داود عليه السلام لصاحب الأرض أن يأخذ الأنغام فتصير ملك له مقابل الزرع الذي أفسدوه ولم يصب سيدنا داود عليه السلام في حكمه، ولقد أشار القرآن الكريم إلى أن حكمه لم يكن صواباً وهذا لأنه بشر يخطئ ويصيب فألقى الله سبحانه وتعالى فهم تلك القضية على نبي الله سليمان ابن داود عليهما السلام، حيث قال ففهمناها سليمان، وفهم سليمان عليه السلام الحكم في القضية وقضى به، حيث رأى أنه يستطيع حل هذه القضية وذلك بتوفيق من ربه سبحانه وتعالى، وحكم سيدنا سليمان عليه السلام في القضية أن يأخذ صاحب الأرض الأغنام يشرب من لبنها ويستفيد من صوفها وأوبارها، ويأخذ صاحب الأنغام الأرض يقوم بزرعها وحرثها وتعهدها حتى يعود الزرع كما كان فيسلم صاحب الأغنام الأرض إلى صاحبها ويتسلم أغنامه أو ماشيته، ويسلم صاحب الأرض الأنغام إلى صاحبها ويستلم أرضه وحرثه، ووافق سيدنا داود عليه السلام على حكم ابنه سليمان لما رأى فيه من العدل وتحقيقه ووافق أيضاً الخصوم وارتضى الجميع حكم سليمان عليه السلام.

داود مع المرأة

يذكر في بعض الكتب أن إبليس عليه لعنة الله تلبس بطير وصار على هيئته، وكان لونه كلون الذهب فوقف قريباً من سيدنا داود عليه السلام، ولما أراد سيدنا داود عليه السلام أن يأخذه إذا بامرأة تغتسل قريباً منه، فغطت شعرها وتسترت منه فأعجب بها داود ووقع حبها في قلبه، وكان زوج تلك المرأة جندياً في جيش داود عليه السلام وأرسل داود عليه السلام طلباً لقائد الجيش أن يقدم زوج هذه المرأة ليكون في مقدمة الجند، ولما دار القتال قتل هذا الرجل، وتزوج داود بالمرأة بعد ذلك فعاتبه الله على محبة تلك المرأة، وقيل أن هذا من ذنوب الأنبياء التى يعاتبهم الله عليها، وقيل أن سيدنا داود عليه السلام لم يكن يقدم زوج المرأة يريد قتله، وإنما كان يجعله في مقدمة الجيش لقوة بأسه وشدته، فكان سيدنا داود عليه السلام يرجو أن يكون هذا الرجل سبباً في النصر ويأتي النصر على يديه، ولكن الذي يطمئن إليه القلب أن هذه القصة قصة مكذوبة على نبي الله داود، لأن أنبياء الله سبحانه وتعالى موصوفون بالعفة والعصمة، فلا يصح هذا الكلام، ويؤيد ذلك ما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه أمر جلاده أن يجلد من يتكلم بصدق هذه القصة 160 جلدة مؤكداً على عدم صحتها.

وفاة داود

قيل أن عمر سيدنا داود عليه السلام كان 60 عاماً، ولكن نبي الله آدم عليه السلام قد طلب من الله سبحانه وتعالى أن يمد في عمر سيدنا داود عليه السلام 40 سنة أخرى، يأخذها الله من عمره، وبهذا يكون نبي الله داود عليه السلام عاش 100 سنه، وجاء في مدة ملكه أنه ظل ملكاً أربعين سنة، ولم يرد أحاديث تؤيد ذلك أوتثبته مما يؤكد عدم صحة هذا الكلام والله أعلم.

ملك الموت وداود

قصة دخول ملك الموت على سيدنا داود عليه السلام: جاء ذكر قصة دخول ملك الموت على سيدنا داود عليه السلام في حديث رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال: (كان داود النبي فيه غيرة شديدة، وكان إذا خرج أغلقت الأبواب؛ فلم يدخل على أهله أحد حتى يرجع. قال: فخرج ذات يوم وغلقت الدار، فأقبلت امرأته تطلع إلى الدار؛ فإذا رجل قائم وسط الدار، فقالت لمن في البيت: من أين دخل هذا الرجل الدار والدار مغلقة؟ والله لتفتضحن بداود. فجاء داود فإذا الرجل قائم وسط الدار، فقال له داود: من أنت؟ قال: أنا الذي لا أهاب الملوك، ولا يمتنع مني شيء، فقال داود: أنت والله ملك الموت فمرحبًا بأمر الله، فرمل داود مكانه ؛ حيث قبضت روحه، حتى فرغ من شأنه، وطلعت عليه الشمس، فقال سليمان للطير: أظلي على داود، فأظلت عليه الطير حتى أظلمت عليهما الأرض، فقال لها سليمان: اقبضي جناحًا جناحًا، قال أبو هريرة: يرينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف فعلت الطير، وقبض رسول الله صلى الله عليه و سلم، وغلبت عليه يومئذ المصرحية)

الدروس المستفادة

من قصة سيدنا داود عليه السلام
لقد تضمنت قصة سيدنا داود عليه السلام عديداً من العبر والعظات التي يجب الإنتباه إليها والإهتمام بها، لاسيما فيما يتعلق بالإيمان وأثره على النفس، حيث كان الإيمان مظهراً من مظاهر القضاء على الجبروت والطغيان كما فعل نبي الله داود عليه السلام مع جالوت.
عصمة أنبياء الله صلوات الله وسلامه عليهم جميعاً وتكريمهم وتفضيلهم على بقية البشر.
الإيمان بالله سلاح المؤمن يجزيه الله به كل خير ويدفع عنه به كل شر.
وجوب القضاء والفصل بين الناس بالحق والعدل، وعدم اتباع الهوى كما كان يفعل سيدنا داود وولده سليمان عليها السلام.
الإذعان للحق والتسليم له وإن كان مع الغير كما فعل سيدنا داود عليه السلام مع سيدنا سليمان عليه السلام في قضية الحرث.
السعي على الرزق والعمل الجاد والدعوة لكسب القوت من الطريق الحلال الذي رسمه لنا الدين الإسلامي، كما كان يفعل داود عليه السلام ولقد قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم إن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده.


داود