admin
22-07-2022 - 04:21 pm


قصة سيدنا أيوب عليه السلام
من هو أيوب ومتى بُعث؟ نبي الله أيوب عليه السلام هو أيوب بن موص بن زراح بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام جميعاً وهو أحد الأنبياء الذين جاء ذكرهم في القرآن الكريم في أكثر من موضع، فلقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : ( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ كُلًّا هَدَيْنَا ۚ وَنُوحًا هَدَيْنَا مِن قَبْلُ ۖ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَىٰ وَهَارُونَ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ )، وينتهي نسبه إلى خليل الله إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، أما بعثته فقد كانت بين سيدنا موسى عليه السلام، وسيدنا يوسف الصديق، ومن المعلوم أن أيوب عليه السلام اتصف بالصبر وضرب لنا أروع المثل في الصبر فكان مثالاً يحتذى به وقدوة للصابرين، وصار يضرب به المثل في الصبر ويعرف الصبر فيقال في المثل (صبر أيوب) وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم حين سئل عن أشد الناس بلاءً قال النبي صلى الله عليه وسلم أشد الناس بلاءً الأنبياء، ولقد ابتلى الله سبحانه وتعالى نبيه أيوب عليه السلام ابتلاءات شديدة فصبر عليها ورضا بقضاء الله وقدره ولم يسخط ولم يجزع.

أنعم الله على أيوب

لقد أنعم الله سبحانه وتعالى على نبيه أيوب بنعم كثيرة، وكان سيدنا أيوب عليه السلام يؤدي شكر نعم الله عليه، قيل أنه كان لسيدنا أيوب عليه السلام نواحي كثيرة من أرض دمشق كان يمتلكها جميعاً ولكن سلب الله منه تلك النواحي جميعاً شيئاً فشيئاً، فكان عليه السلام صابراً محتسباً واستمر سيدنا أيوب عليه السلام يدعو الناس إلى عبادة الله وحده سبعين عاماً، وكان يتقي الله عز وجل فيهم ويعمل على ما فيه نفع الناس، وكان يحسن إليهم، يتكفل بالﭢيتام، ويكرم الضيوف، وكان لا ينام عليه السلام شبعاناً وبجواره أحد جائع، وكان عليه السلام ينفق في الخير فكان لا يهدأ له بال ولا يطيب له عيش وواحد من من حوله في ضائقة مادية أو غيرها.

إبتلاء الله لنبيه أيوب

أثنى الله سبحانه وتعالى على نبيه أيوب عليه السلام في كتابه الكريم بأنه نعم العبد وأنه صابراً صباراً وأنه كثير الأوبة إلى الله والرجوع إليه، فقال تعالى إنا وجدناه صابراً نعم العبد أنه أواب، وبعد أن منّ الله سبحانه وتعالى على نبيه أيوب بنعمة الأهل والولد والصحة والمال بدأ امتحان سيدنا أيوب عليه السلام من ربه فمر سيدنا أيوب بمحن ثلاث، فقد ولده وفقد صحته وفقد ماله، ففي البداية فقد نبي الله أيوب عليه السلام ماله وكان من أثرى أثرياء القوم، وبعد ذلك فقد أولاده وكان لنبي الله أيوب عليه السلام ولداً كثيراً، وأخيراً ابتلى الله سبحانه وتعالى نبيه أيوب عليه السلام في صحته فصبر على كل هذه الأبتلاءات، ولقد اختلف أهل العلم في نوع البلاء الذي أصيب به أيوب عليه السلام واختلفوا أيضاً في مدة البلاء فمنهم من قال أنه ثمانية عشرة عاماً، ومنهم من قال دون ذلك والله أعلم.

مرض أيوب

لما مرض سيدنا أيوب عليه السلام مرضاً شديداً وكان مرضاً منفراً جعل الناس يبتعدون عنه كما جاء في بعض الروايات، فبقي سيدنا أيوب عليه السلام وحيداً وتركه الجميع إلا زوجته، فقد كانت حريصة كل الحرص على شفاء سيدنا أيوب عليه السلام، وكانت تلتمس له كل أنواع الدواء الموجود في زمنهم وكانت امرأة أيوب امرأة صالحة، فلم تترك نبي الله أيوب زوجها في محنته ووقفت بجواره وظلت تسعى لشفائه، وتطلب من الله سبحانه وتعالى أن يشفيه ويعافيه حتى شفاه الله سبحانه وتعالى.

صبر زوجة أيوب

لما اشتد المرض على سيدنا أيوب عليه السلام كانت زوجته بجانبه جنباً إلى جنب، تعمل على خدمته وتقوم بمساعدته وهي صابرة على البلاء محتسبة الأجر عند الله عز وجل، وقيل أنها لما نفذ ما معها من مال صارت تعمل عند الناس وتأتي بمال لكي تنفق على نفسها وعلى زوجها أيوب عليه السلام، وكانت تبذل الغالي والنفيس في شراء العلاج لنبي الله أيوب، وازداد الأمر سوءاً عندما أعرض بعض الناس عنها خوفاً على أنفسهم من أن ينتقل إليهم المرض الذي أصاب زوجها أيوب عن طريقها.

صبر أيوب علي المرض

لماذا لم يدعو الله أيوب عليه السلام أن يشفيه؟ لم يدعو نبي الله أيوب عليه السلام ربه أن يشفيه طيلة فترة مرضه لأنه كان يؤثر صبره على البلاء على الدعاء بالشفاء، وفي يوم من الأيام طلبت منه زوجته أن يدعو ربه جل وعلا أن يشفيه من مرضه ويكشف عنه البلاء، فأجابها سيدنا أيوب عليه السلام بأن الله سبحانه وتعالى قد أنعم عليه بالصحة والعافيه زماناً طويلاً فكما أن الله أنعم عليه بالصحة والعافية ثم ابتلاه بالمرض والسقم فيجب عليه أن يصبر على قضاء الله، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال:(قالت امرأه أيوب لأيوب عليه السلام إنك رجل مجاب الدعوة فادعوا الله أن يشفيك فقال كنا في النعماء سبعين سنة فدعينا نكون في البلاء سبعين سنة). وما كان من زوجة أيوب عليه السلام إلا الرضا بقضاء الله وقدره، والتسليم لأمره، والصبر على المرض، وأخذت امرأه أيوب تعمل وتنفق على بيتها دون أن كلل أو ممل.

بيع شعر زوجة أيوب

لماذا باعت زوجة سيدنا أيوب عليه السلام شعرها؟ لما إشتد المرض على سيدنا أيوب عليه السلام ونفر الناس منه وابتعدوا عنه، وكرهوا التعامل مع زوجته مخافة أن تنقل إليهم مرض أيوب عليه السلام، ورفض الناس عملها ومعاملتها، فلم يكن أمامها إلا أنها تبيع ضفيرة من ضفيرتي شعرها، وبالفعل قامت بقصها وبيعها لبنت من أشراف قومها وذلك مقابل الحصول على الطعام، ثم بعد ذلك اشتد الحال عليهم أكثر فأكثر فقامت بقص الضفيرة الأخرى وبيعها أيضاً لكي تجلب لزوجها الطعام والعلاج.

حزن أيوب لبيع شعر زوجتة

معرفة سيدنا أيوب عليه السلام ببيع شعر زوجته لما علم سيدنا أيوب عليه السلام أن زوجته قامت ببيع شعرها للإنفاق عليه وجلب العلاج له حزن لذلك حزناً كبيراً وتألم ألماً شديداً، قيل أنه أقسم إن شفاه الله أن يضرب زوجته مائة ضربة ولكن الله بعد ذلك أمره أن يأخذ حزمة من القش بها مائة عود فيضرب بها زوجته ضربة واحدة حتى لا تتألم زوجته وتبرأ ذمته من اليمين التي حلفها، وقيل أنه لما رأى زوجته قد باعت شعرها، ورأت الحال التي وصلوا إليها آثر سيدنا أيوب عليه السلام أن يدعو ربه ليكشف الله عنه ما حل به من ضر وبلاء فهنا آثر أيوب عليه السلام الدعاء على الصبر لما وصلوا إليه من سوء حال وضيق عيش

بم دعا أيوب ربه

لما قدر الله سبحانه وتعالى لنبيه أيوب عليه السلام الشفاء، وبعد أن اشتد عليه المرض وضاق بهم الحال، ورأى أيوب عليه السلام أن يدعو ربه أن يكشف عنه الضر الذي أصابه، وأن يشفيه من المرض الذي ملأ جسده، فقال سيدنا أيوب عليه السلام رب إني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين، والمتأمل في دعاء نبي الله أيوب عليه السلام يجد أنه تأدب مع ربه سبحانه وتعالى في الدعاء، فلم يقل أيوب عليه السلام في دعائه إني أهلكني الضر أو أصابني الضر، وإنما قال مسني الضر ولم يقل أيوب عليه السلام في دعائه اشفني يا رب من الضر أو اكشف يارب عني الضر، ولكن أيوب عليه السلام ذكر أنه مسه ضر وأن الله هو أرحم الراحمين فقط فإن شاء الله أن يشفيه شفاه وإن لم يشاء الله عز وجل أن يشفيه فلا ضير لأن أيوب كان صابراً محتسباً راضياً بقدر الله سبحانه وتعالى.

شفاء سيدنا أيوب

شفاء أيوب عليه السلام من المرض وعودة أهله إليه لما دعا نبي الله أيوب عليه السلام ربه أن يفرج عنه كربه، وأن يكشف عنه ضره، وأن يرفع عنه البلاء، استجاب الله سبحانه وتعالى لنبيه أيوب عليه السلام فأمره الله سبحانه وتعالى بأن يضرب برجله الأرض، وامتثل نبي الله أيوب عليه السلام لأمر ربه وضرب الأرض برجله فنبع الماء من تحت قدميه، فأمره الله سبحانه وتعالى أن يغتسل من هذا الماء فإنه ماء بارد وشراب، يشرب منه أيوب عليه السلام ويغسل جسده فيتعافى من البلاء الذي أصابه وملأ جسده بأذن ربه، وقيل أن الله سبحانه وتعالى عوض أيوب عليه السلام بفقد ولده أن آتاه الله أهله ومثلهم معهم وجاء ذلك في القران الكريم حيث قال سبحانه (وهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منا) أي من عندنا، ولقد اختلف أهل العلم في الطريقة التي أعاد الله بها أهل أيوب عليه السلام، فمنهم من يرى أن الله سبحانه وتعالى أحيا أبناء أيوب بنفسهم مرة ثانية، ومنهم من قال أن الله عز وجل خير أيوب عليه السلام بأن يحضر له أولاده نفسهم أو يتركهم في الجنة ويعوضه بأولاد أمثالهم، فاختار نبي الله أيوب عليه السلام أن يبقى أولاده في الجنة وأن يؤتيه الله مثل أولاده في الحياة الدنيا، ومنهم من قال أن الله سبحانه وتعالى أعطى نبيه أيوب أجر فقد أولاده وذلك في الآخرة، ومنحه الله سبحانه وتعالى بمثلهم في الحياة الدنيا والله أعلم.

الدروس المستفادة

من قصة نبي الله أيوب عليه السلام
لو تأملنا في قصة سيدنا أيوب عليه السلام نجدها مليئة بالدروس المستفادة التي يجب علينا أن نتعلمها في حياتنا، ومنها.
الابتلاء سنة كونية، فعلى العبد أن يصبر على البلاء ويشكر في السراء والضراء كما فعل أيوب عليه السلام.
إن أشد الناس ابتلاءً هم الأنبياء عليهم السلام فهم ليسوا كغيرهم من البشر، فإن الله عز وجل يبتليهم لا لذنوبهم فهم معصومون، ولكن لكي يتأسى بهم الناس.
الزوجة الصالحة هي التي تقف مع زوجها جنباً إلى جنب في السراء والضراء، كما فعلت زوجة أيوب عليه السلام حتى اضرطت لبيع شعرها.
وجوب العلم بأن الله قادر على كل شيء ومهما عظمت المصيبة ومهما كثر البلاء فإن الله عز وجل قادر على كشفه كما نجا سيدنا أيوب عليه السلام من مرضه.
البر باليمين أمر واجب، فعلى المسلم أن يبر باليمين التي يحلفها اقتداءً بنبي الله أيوب عليه السلام حين أمره الله سبحانه وتعالى أن يأخذ بيده ضغثاً أي حزمة يضرب به زوجته ولا يحنث في يمينه.
حسن اليقين في الله عز وجل وأن الله هو الذي يكشف الكرب ويفرج الهم ولا يملك أحداً غيره كشف الضر ولا تفريج الهم.
التأدب مع الله سبحانه وتعالى كما فعل أيوب عليه السلام لما نسب التعب والنصب الذي مسه إلى الشيطان فقال مسني الشيطان بنصب وعذاب وأثنى على الله سبحانه وتعالى في دعائه بالرحمة قائلاً أنت أرحم الراحمين.
المداومة على ذكر الله سبحانه وتعالى وشكره والصبر في الضراء والشكر في السراء.
يجب على الإنسان أن يعود لسانه على ذكر الله سبحانه وتعالى وتسبيحه وتنزيهه وتكبيره في الرخاء حتى اذا أصابه ضراء وجد ذكر الله سهلاً عليه كما كان قد تعود وعود لسانه.


أيوب