admin
19-07-2022 - 02:17 pm


قصة سيدنا هود عليه السلام
بما قابل قوم سيدنا هود دعوته: جاء ذكر قوم هود في القرآن الكريم بعد قوم نوح عليه السلام، وقوم هود هم أول من عبدوا الأصنام بعد أن أغرق الله قوم نوح بالطوفان، وقوم سيدنا هود عليه السلام هم قوم عاد، وقد قال سبحانه وتعالى: (وإلى عاد أخاهم هوداً) وقد كانوا قوماً يعبدون الأصنام ويتمردون على الأنبياء وذلك لطغيانهم وقوتهم، وجاء سيدنا هود عليه السلام يأمرهم بعبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام وغيرها من دون الله عز وجل، فما كان من قومه إلا أنهم تمردوا عليه وقابلوا دعوته بالرفض والتكذيب والإنكار، حيث قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} فتركهم سيدنا هود وانعزل بعيداً عنهم هو والذين آمنوا معه فأنزل الله عليهم عذاباً من عنده.

من هو سيدنا هود

ينتهي نسب سيدنا هود إلى نبي الله نوح عليه السلام، فهو هود بن شالح بن ار فخشذ بن سام بن نوح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وجاء تعريف آخر لسيدنا هود عليه السلام، قيل أنه هو هود بن عبد الله بن رباح الجارود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح عليه الصلاة والسلام، وأما قبيلته التي كان يسكن فيها فهي قبيلة عاد وكانت تلك القبيلة تسكن في الأحقاف، والأحقاف تقع في اليمن حالياً ما بين عمان وحضرموت، والجدير بالذكر أن هود عليه السلام كان من الأنبياء العرب الخمسة وهم إسماعيل وشعيب وصالح ومحمد ونبي الله هود عليهم الصلاة والسلام.

معجزة هود

اقتضت حكمة الله عز وجل أن يبعث الأنبياء ويؤيدهم بمعجزات تثبت صدقهم، وكانت تلك المعجزات في الغالب تحقق للناس مصالح، وأما معجزة سيدنا هود فكانت تلك الريح التي أهلكت قومه، فلم تكن تلك المعجزة في مصلحة قومه ولكنها كانت في هلاكهم وذلك نتيجة لتكذيبهم لنبي الله هود عليه السلام.

تذكير هود لقومة

لما ذكر نبي الله هود قومه بقوم سيدنا نوح: الذي دفع قوم هود عليه السلام لمخالفته وعدم اتباعه هو الإصرار على رأيهم وتقليد من كانوا قبلهم، فتلك هي مناهج الكفار والمشركين في كل زمان ومكان، ولقد حذر نبي الله نوح عليه السلام قومه من الغرق ولكنهم خالفوه ولم يتبعوا أمره، والمتأمل في القصتين قصة نبي الله نوح ونبي الله هود يجد بينهما تشابهاً كثيراً في الأحداث، فكما عصا قوم نوح نبيهم وخالفوا أوامره ولم يتبعوه، خالف أيضاً قوم هود نبي الله هود ولم يتبعوه، فكان جزاؤهم أن أرسل الله عليهم ريحاً دمرت عليهم كل شيء، ولقد أنذر نبي الله هود قومه من أن يهلكهم الله عز وجل كما أهلك قوم نوح من قبلهم.

كيف أهلك الله قوم هود

لما قابل قوم هود عليه السلام دعوته بالإنكار واتهموه بالكذب وأنه جاء ليغير معتقدهم ويصرفهم عن عبادة ما كان يعبد آباؤهم وقالوا ذلك لنبيهم، وحكى القرآن الكريم ذلك في قوله تعالى: {قالُوا أَجِئْتَنا لِتَأْفِكَنا عَنْ آلِهَتِنا فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} فأخذ قوم سيدنا هود يجادلون بالباطل وسلكوا كل الطرق من أجل تكذيبه وتكذيب دعوته فاستكبروا وأعرضوا عن نبيهم وتحدوه أن يأتيهم بعذاب من عند الله، فأخبرهم سيدنا هود أنه نبي من عند الله وما علي النبي إلا البلاغ عن ربه، وقد حكى القرآن الكريم ذلك فقال سبحانة وتعالى: {قالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ وَلكِنِّي أَراكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ} قال لهم هود عليه السلام أنا رسول الله إليكم أبلغكم ما أرسلني الله به، ولكني أراكم قوماً في جهالة من أمركم وأمر دينكم وأمر نبيكم، ولكن سنة الله عز وجل أن ينصر رسله ويؤيدهم بمعجزات تثبت صدقهم في تبليغهم عن ربهم، فأرسل الله عز وجل الريح على قوم هود عليه السلام، فلما رأوا تلك الريح ومعها السحاب ظنوا أن تلك السحاب بها أمطار، ولكنها كانت مهلكة لهم فهذا ما استعجلوا به، وجاء ذكر ذلك في سورة الأحقاف فقال سبحانه وتعالى: {فلمَّا رَأَوْهُ عارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قالُوا هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا، بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيها عَذابٌ أَلِيمٌ} وأخذت تلك الريح تدمر كل شيء تمر عليه حتى أصبحت تلك القبيلة لا يرى لها أثر، كما جاء في القرأن الكريم فقال:{تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ}، وقال تعالى: {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ* مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ}، وتلك الريح أهلكت الذين كفروا من قوم هود، وأما سيدنا هود عليه السلام فقد خرج هو والذين آمنوا معه واعتزل قومه وابتعد عنهم، فنجى هو والمؤمنون معه من عذاب الله عز وجل ولم يروا تلك الريح التي أرسلها الله على قومه،

أين دفن هود

قيل أن نبي الله هود عليه السلام دفن في مكانه الذي كان يعيش فيه أي في اليمن، وقيل انتقل إلى دمشق ومات في بلاد الشام ودفن فيها، ولا يوجد ما يثبت صحة هذا الكلام، ولا شك أن القبر الوحيد الذي لا خلاف عليه من قبور الأنبياء هو قبر النبي صلى الله عليه وسلم وقبر نبي الله إبراهيم، فهما معروفان ولا شك في ذلك.

الدروس المستفادة

من قصة سيدنا هود عليه السلام: إخلاص التوحيد لله عز وجل وعدم الإشراك به، فأن الشرك ظلم عظيم، والله سبحانه وتعالى لا يغفر ذلك الذنب العظيم.
التحذير من مخالفة الأنبياء والرسل، لأن ذلك يوجب العقاب، ويوجب غضب الله عز وجل.
التزام أوامر الله والبعد عن نواهيه.
طاعة الله وأنبيائه ورسله.
البعد عن التكبر والغرور بالقوة والمال والبطش وغير ذلك مما أنعم الله به على العبد.
عدم التفاخر بنعم الله عز وجل، وأداء شكرها.
يجب على الدعاة إلى الله عز وجل أن يستخدموا في دعوتهم إلى الله جل وعلا أساليب الترغيب والترهيب، ولا يقتصرون على الترهيب فقط دون الترغيب أو الترغيب فقط دون الترهيب.


هود