admin
18-07-2022 - 02:01 pm


قصة سيدنا نوح عليه السلام
كانوا قديماً يبنون الأصنام والتماثل للرجال الصالحين، وذلك لتخليد ذكراهم، ووجد في قوم سيدنا نوح عليه السلام من هذه الأصنام التي اتخذها الذين من قبلهم للأولياء والصالحين، ولكفر قوم سيدنا نوح عليه السلام وجحودهم وإنكارهم وطغيانهم وعنادهم قاموا بعبادة تلك الأصنام، فبعث الله سبحانه وتعالى نبيه نوح إليهم يدعوهم إلى عبادة الله وحده، وترك عبادة هذه الأصنام، وذكرالله سبحانه وتعالى هذه الأصنام في سورة نوح فقال عز وجل (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا )، وهذه هي أسماء رجال صالحين كانوا موجودين قبلهم، ولكن مع مرور الأيام وتغيير الأجيال جيل بعد جيل أصبح الناس يعبدون هذه الأصنام، فبعث الله سيدنا نوح عليه السلام إلى قومه ليخرجهم من هذا الظلام، ويهديهم إلى الطريق المستقيم الذي هو عبادة الله وحده وعدم الإشراك به، وبالفعل بدأ سيدنا نوح عليه السلام دعوته إلى قومه بأن يتركوا عبادة الأصنام وأن يعبدوا الله وحده فهو الذي يملك له الضر والنفع وبيده كل شيء، وأن الأصنام التي يعبدونها من دون الله لا تملك لهم ضراً ولا نفعاً، ولكن لاقى سيدنا نوح عليه السلام جحوداً من قومه وإنكاراً لدعوته واستكباراً عليه، فما آمن مع سيدنا نوح عليه السلام إلا قلة قليلة، ولم ييأس سيدنا نوح عليه السلام من دعوة قومه إلى الله تعالى فأخذ يدعوهم ليلاً ونهاراً، ولكنهم قابلوا هذه الدعوة بالاستكبار فكانوا يجعلون أصابعهم في آذانهم لكي لا يسمعوا كلام سيدنا نوح عليه السلام وحكي القرآن الكريم ذلك في سورة نوح فقال سبحانه وتعالى (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا* فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا*وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا)، أي أنهم أنكروا دعوة سيدنا نوح عليه السلام إنكاراً شديداً واتخذوه عدواً لهم، فكان سيدنا نوح عليه السلام يدعو قومه سراً وعلانية ولم يتباطأ سيدنا نوح عليه السلام في دعوة قومه ولم ييأس منهم، ففي البداية أخذ يدعوهم إلى الله سبحانه وتعالى في السر، ولكن لم يستجب له أحد، فأخذ يدعوهم علانية، فآمن معه قلة قليلة جداً ولكن الأكثرية منهم رفضت دعوة سيدنا نوح عليه السلام، ومن أساليب الترغيب في دعوة سيدنا نوح عليه السلام لقومه دعاء سيدنا نوح عليه السلام قومه بأسلوب الترغيب فيما عند الله عز وجل في البداية، فوعدهم أن الله يرزقهم رزقاً وفيراً وأموالاً كثيرة وقوة متينة ويرزقهم بالأبناء الكثيرة، فأمرهم باستغفار آلله عز وجل والتوبة إليه، وحكى القرآن الكريم ذلك في قوله تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا*يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا).

عصيان قوم نوح

لم يؤمن لسيدنا نوح من قومه إلا القليل بينما عصاه الكثير من قومه وأخذوا يحاربونه ويكيدون له بكل الوسائل التي يملكونها، فاغتاظ منهم نبي الله نوح عليه السلام، ودعا عليهم.

عصيان آل بيت نوح

من الجدير بالذكر أنه كان من بين من عصا نوح عليه السلام ابنه وامرأته، وهذا إنما هو أشدّ انواع البلاء، وذلك لأن الأنبياء أكثر الناس بلاءً،

تكذيب ابن نوح له

دعا سيدنا نوح عليه السلام ابنه لعبادة الله عز وجل وترك عبادة الأصنام، ووعده بالنجاة مع المؤمنين، ولكن ابنه أصر على كفره، وعزم على عدم الخروج معه، بدأ سيدنا نوح عليه السلام يذكر ابنه بأنه لن ينجى من عذاب الله عز وجل إلا الذين آمنوا فقط، وأن الله سيغرق الباقين، ولكن ابنه لم يطعه، وقال أنه سيصعد إلى جبل مرتفع وينجي من الغرق، وحكى القرآن الكريم ذلك فقال سبحانه وتعالى:(وَنَادَىٰ نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ، قَالَ سَآوِي إِلَىٰ جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ۚ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ ۚ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ)

تكذيب امرأة نوح

ضرب الله سبحانه وتعالى المثل في القرآن الكريم بتكذيب إمرأة نبي الله نوح عليه السلام فقال سبحانه وتعالى: (ضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّـهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ). فاستوجب تكذيب امراة نوح وامراة لوط لنبيين كريمين من أنبياء الله سبحانه وتعالى عذاب الله الشديد، ولم يغني عنهن أنهن كن زوجات لنبيين كريمين من أنبياء الله عز وجل.

سفينة نوح

اقتضت حكمة الله عز وجل أن يؤيد كل نبي من أنبيائه بمعجزة خارقة للعادة ليست في مقدور البشر لتثبت صدق دعواهم فيما يبلغونه عن ربهم سبحانه وتعالى، وكما أيد الله سبحانه وتعالى كل نبي من أنبيائه بمعجزة، أيد الله سبحانه وتعالى أيضاً سيدنا نوح عليه السلام بمعجزة باهرة، ألا وهي السفينة، كان سيدنا نوح عليه السلام يسكن وقومه في الصحراء ومن المعلوم أن الصحراء لايوجد بها بحار ولا أنهار إذ لا معنى لوجود تلك السفينة في صحراء جرداء لا يوجد بها أنهار أو بحار، وفي ذلك يقول الله سبحانه وتعالى: (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ ۚ قَالَ إِن تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ) فكانوا كلما مروا على نبي الله نوح سخروا منه، فأخبرهم أنها بأمر من الله عز وجل وأن الله قادر على كل شيء، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، وكانت سفينة سيدنا نوح عليه السلام مصنوعة من الألواح الخشبية والمسامير الحديدية، وحكى القرآن ذلك فقال سبحانه وتعالى: (وَحَمَلْنَاهُ عَلَىٰ ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ) وأخذ سيدنا نوح عليه السلام يصنع السفينة ولم يلتفت إلى قومه واستهزائهم به وسخريتهم منه.

هلاك قوم نوح

توعد سيدنا نوح عليه السلام قومه بأن يغريقهم الله بالطوفان، فلما أصروا على كفرهم واستكبارهم وعنادهم، ويأس منهم نوح عليه السلام، وجاء أمر الله إليه بأنه لن يؤمن من قومه إلا الذين آمنوا معه، دعا عليهم سيدنا نوح عليه السلام، ومن المعلوم أن دعوة الأنبياء لا ترد لأن الأنبياء مستجابو الدعوة وحكى القرآن الكريم ذلك فقال سبحانه وتعالى في سورة نوح: ( وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا). وجاء اليوم الموعود لهلاك قوم سيدنا نوح عليه السلام، وأعطاه الله سبحانه وتعالى علامات لهذا اليوم، ومن تلك العلامات خروج الماء من التنور وهو الفرن، فأخذ سيدنا نوح عليه السلام يحمل في سفينته من كل شيء موجوداً آنذاك من ذكر وأنثى كما أوحى إليه ربنا سبحانه وتعالى، وحمل سيدنا نوح عليه السلام الذين آمنوا معه في الفلك، وجاء أمر الله سبحانه وتعالى بإغراق قوم سيدنا نوح، فأخذت الأرض تنشق ويخرج منها الماء، والسحاب تجتمع وينزل منها الماء، وعم الماء جميع الأرض، ونجى الله سبحانه وتعالى سيدنا نوح عليه السلام والذين آمنوا معه وأغرق الباقين، وكان من بينهم ابنه وامرأته الذين لم يتبعوا أمره وخالفوه

أين رست سفينة نوح

لما أغرق الله سبحانه وتعالى قوم نوح بأن كذبوه ولم يتبعوا أوامره، وأخذت السفينة في السير بعيداًعن بلادهم رست على جبل يسمى جبل الجودي وحكى الله سبحانه وتعالى ذلك في القرآن الكريم فقال:( واستوت على الجودي).

الدروس المستفادة

ما هي الدروس والعبر المستفادة من قصة سيدنا نوح عليه السلام
المتأمل في قصة سيدنا نوح عليه السلام يجد بها كثيراً من العبر والعظات، ومنها:
ضرورة الإيمان بالله وحده وعدم الإشراك به لأن الإيمان بالله وحده هو السبيل الوحيد إلى النجاة
ضرورة اتباع الأنبياء وتصديقهم والإيمان بهم
الحذر من عصيان الأنبياء وغضبهم ودعائهم لأن دعوتهم تكون مستجابة.
وحدة المناهج السماوية التي يرسل الله بها رسله لأن الهدف واحد وهو عبارة الله وحده وفي ذلك يقول الله عز وجل (قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرُهُ).
تغيير الأساليب في الدعوة إلى الله عز وجل كما فعل نوح عليه السلام فاستعمل معهم أسلوب الترغيب تارة وأسلوب الترهيب تارة أخرى يرغبهم في نعيم آلله عز وجل عند طاعته ويرهبهم من عذاب الله عز وجل عند معصيته.
إخلاص الرسل عليهم الصلاة والسلام جميعاً في دعوة قومهم إلى عبادة الله وحده وأنهم لا يريدون على ذلك مالاً ولا منصباً وإنما يريدون بذلك وجه الله وحده.
تعلم الصبر من قصة سيدنا نوح عليه السلام فقد صبر نوح عليه السلام على قومه وظل يدعوهم 950 عاماً ولم ييأس من ذلك.


نوح