admin
17-07-2022 - 01:42 pm


قصة سيدنا موسى عليه السلام
من هو موسى جاء في نسب سيدنا موسى عليه السلام أنه هو موسى بن عمران بن يصهر، وأمه هي يحيب بنت شمويل بن بركيا بن يقسان بن إبراهيم عليه السلام، ونبي الله موسى عليه السلام هو أحد أولو العزم الخمسة من الرسل عليهم السلام جميعاً، وهو كليم الله اصطفاه الله سبحانه وتعالى برسالته وبكلامه.

مولد سيدنا موسى

ولد سيدنا موسى عليه السلام في عهد فرعون، وكان فرعون قد رأى رؤيا في منامه وعلم أن تفسير هذه الرؤيا أن ولداً من بني إسرائيل سيأخذ ملكه ويصرف الناس عنه فرأى فرعون أن يقوم بقتل أطفال بني اسرائيل من الذكور، ثم بعد ذلك لما رأوا أن عدم وجود الذكور سيقضي على قومه ولم يكن لهم وجوداً بعد ذلك، أشارت عليه حاشيته أن يقوم بقتل الأبناء الذكور سنة ويتركهم سنة أخرى، وشاء الله عز وجل أن يولد سيدنا موسى عليه السلام في السنة التي يقتل فيها فرعون الأبناء الذكور، فأوحى الله سبحانه وتعالى لأم سيدنا موسى لما خافت عليه من القتل أو الذبح أن ترضعه وتشبعه وتقوم بصنع تابوت وتدخل رضيعها في هذا التابوت وتضع التابوت على شاطئ البحر، فنقله الماء بقدرة الله سبحانه وتعالى إلى أمام قصر فرعون، ويستقر التابوت أمام قصر فرعون، وقيل أن أم سيدنا موسى عليه السلام كانت تربط التابوت بحبل حتى تتمكن من رضاعة سيدنا موسى عليه السلام وأيضاً تقوم بإخفائه عن أعين فرعون وملأه، ولكن هذا الحبل انقطع من شدة الأمواج ودفعت الأمواج بالتابوت إلى جانب قصر فرعون بأمر من الله سبحانه وتعالى، فجاءت الجواري فلما رأين التابوت التقينه وذهبن به إلى سيدتهم، وكانت السيدة آسيا بنت مزاحم فلما رأته أعجبت به وألقى الله حبه في قلبها، فأحبت آسيا سيدنا موسى عليه السلام حباً شديداً، وجاء فرعون وأراد أن يقتل سيدنا موسى عليه السلام خوفاً من أن يكون هو النبي الذي ينزع منه ملكه ولأن هذا العام هو عام الذبح، فتوسلت إليه آسيا زوجته أن يتركه عسى أن يكون لهم ولداً أو ينفعهم فيما بعد ذلك، ووافق فرعون على طلب زوجته ولم يذبح سيدنا موسى عليه السلام وهذا هو قدر الله عز وجل.

موسى يرفض كل المرضعات

طلبت زوجة فرعون من فرعون أن يجيء لسيدنا موسى عليه السلام بمرضعة ترضعه وتشبعه لأنه بحاجة إلى ذلك وأجابها فرعون إلى طلبها، وبعث بعض جنوده يأتي له بمرضعة، وكل ما جاءت مرضعة رفضها سيدنا موسى عليه السلام ولم يرضع منها، فبعثت أم سيدنا موسى عليه السلام أخته وكانت تسمى كلثوم لتعلم أخبار موسى ثم تنقلها إلى أمها، فلما عرفت كلثوم بأمر الرضاعة دخلت عليهم فأخبرتهم بأنها تعرف مرضعة جيدة تستطيع رضاعته، وقيل أن كلثوم أخت سيدنا موسى عليه السلام قابلت من يبحثون في السوق عن مرضعة فأخبرتهم أنها تعرف مرضعة وأرشدتهم إلى منزلها حيث أم موسى عليه السلام، ولما جاءت أم سيدنا موسى عليه السلام إلى قصر فرعون وبدأت بإرضاع موسى فرضع منها ولم يرفض مثلما فعل مع كل المرضعات التي كن قبل ذلك، وعرضت أم سيدنا موسى عليه السلام على فرعون أن تأخذ موسى معها إلى بيتها لأنها لا تستطيع أن تأتي كل يوم إلى القصر، وتعللت بأن لها زوج وأولاد ووافق فرعون على طلب أم سيدنا موسى عليه السلام، فأخذت أم موسى ولدها ورجعت به إلى بيتها وتحقق وعد الله سبحانه وتعالى لها، كما حكى القرآن الكريم ذلك حيث قال سبحانه وتعالى:( وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخَافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَقَالَتْ لِأُخْتِهِ قُصِّيهِ فَبَصُرَتْ بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ).

أين تربى موسى

لما كبر سيدنا موسى عليه السلام في بيت أبيه وأمه وكان فرعون وزوجته آسيا لا يعلمون بأنه ابن تلك المرضعة، ولما رأوا أن سيدنا موسى عليه السلام لم يعد بحاجة إلى الرضاعة أو المرضعة أخذوه إلى قصرهم ليتربى في قصر فرعون، وهذا إنما هو من حكمة الله سبحانه وتعالى إذ قدر الله جل وعلا أن يتربى سيدنا موسى عليه السلام في قصر فرعون الذي كان يبحث عنه لكي يقتله، لأنه سيكون سبباً في زوال ملكه، وتربى سيدنا موسى عليه السلام وترعرع في قصر فرعون حتى صار شاباً فتياً يافعاً.

أوحى الله إلى موسى

ذكر أنه ذات ليلة كانت ممطرة وكان سيدنا موسى عليه السلام يرعى الأنغام ومعه زوجته وأهله ولما أحسوا بالبرد وكانوا في طريقهم رأى سيدنا موسى عليه السلام ناراً من بعيد فاوقف أهله وذهب ناحية النار مستبشراً بأن يجد عندها أحداً، وقال لأهله انتظروا هنا حتى آتيكم بقبس من تلك النار تستدفئون به أو أجد طعاماً، ولما جاء سيدنا موسى عليه السلام إلى النار ناداه ربه سبحانه وتعالى أن يخلع نعليه فإنه بالواد المقدس طوى، وأن الله سبحانه وتعالى اختاره لتبليغ رسالته، كما جاء ذلك في القرآن الكريم فقال تعالى:(فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى فَلاَ يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى) وأوحى الله سبحانه وتعالى إلى سيدنا موسى عليه السلام أن يذهب إلى فرعون وقومه ويدعوهم إلى عبادة الله وحده وعدم الإشراك به جل وعلا.

عصا سيدنا موسى

لما اقترب سيدنا موسى عليه السلام من النار وناداه ربه سبحانه وتعالى وكان في يد سيدنا موسى عليه السلام عصا، فسأله الله سبحانه وتعالى عما في يده وهو أعلم فأجاب سيدنا موسى عليه السلام بأن تلك هي عصاه التي يهش بها على غنمه لكي يرعاها، حيث كان يضرب بها الشجر فتسقط منها الأوراق وتأكل منها الأغنام، وكان سيدنا موسى عليه السلام يتكئ عليها وله فيها مصالح كثيرة أخرى، فأمره الله سبحانه وتعالى أن يلقيها من يده والقاها سيدنا موسى عليه السلام، فتحولت تلك العصا إلى ثعبان كبير وضخم، فخاف سيدنا موسى عليه السلام من ذلك الثعبان فناداه ربه سبحانه وتعالى وأمره أن يأخذ تلك الثعبان فسيتحول إلى العصا التي كانت في يده قبل أن يلقيها على الأرض، وكانت تلك هي معجزة سيدنا موسى عليه السلام الأولى لفرعون وقومه لأنهم كانوا قد اشتهروا بالسحر، وأمر الله سبحانه وتعالى سيدنا موسى أن يذهب إلى فرعون وأن يدعوه إلى الله بالموعظة الحسنة وبالقول اللين، فطلب سيدنا موسى عليه السلام من ربه أن يرسل إلى أخيه هارون، معللاً طلبه أنه يريد أن يكون هارون سنداً له وعوناً له في دعوته لأن هارون كان أفصح منه لساناً كما حكى ذلك القرأن الكريم فقال تعالى:(وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى قَالَ خُذْهَا وَلا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي)

قتل موسى القبطي

من المعلوم أن سيدنا موسى عليه السلام نشأ في بيت فرعون وتربى فيه، وفي يوم من الأيام كان سيدنا موسى عليه السلام يسير في المدينة فوجد رجلين يقتتلان رجل قبطي من آل فرعون ورجل إسرائيلي من بني إسرائيل وطلب الرجل الإسرائيلي النجدة من سيدنا موسى عليه السلام فقام سيدنا موسى عليه السلام بوكز الرجل القبطي وكزة شديدة خر منها سريعاً وخرجت على أثرها روحه، ولم يقصد سيدنا موسى عليه السلام قتل ذلك الرجل، فحزن سيدنا موسى على ما فعل حزناً شديداً، وخاف سيدنا موسى عليه السلام من وصول الخبر إلى فرعون فيأمر بقتله ليكون عبرة لغيره، وحتى لا يقتل رجل من بني إسرائيل رجل من الأقباط مرة أخرى، ولقد حكى القرآن الكريم ذلك تفصيلاً في سورة القصص حيث قال سبحانه وتعالى:(وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هَذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ)، وبينما كان سيدنا موسى عليه السلام يسير في طرقات المدينة خائفاً يترقب جند فرعون إذ جاءه رجل صالح مؤمن كان قد أخفى إيمانه، فأمر سيدنا موسى عليه السلام بالخروج من المدينة لأن الملأ في قصر فرعون اجتمعوا وعزموا على قتله، وخرج سيدنا موسى عليه السلام قاصداً مدين ولقي في طريقه ما لقي من الجوع والنصب ومتاعب السفر إلى أن وصل إلى مدين.

ماذا فعل موسى في مدين

خرج سيدنا موسى عليه السلام من المدينة التي كان يعيش فيها في مصر قاصداً أرض مدين، ولما وصل أرض مدين وجد أناساً يجتمعون حول بئر ماء فذهب إليهم فوجدهم يسقون ماشيتهم وأغنامهم، ورأى سيدنا موسى عليه السلام فتاتان واقفتان بعيدًا عن القوم ينتظران دورهما في السقيا لكي يسقيا أغنامهما، اقترب منهما سيدنا موسى عليه السلام فسألهما عن سبب وقوفهما بعيداً عن الماء فأجابوا على سيدنا موسى عليه السلام بأن لهما أباً شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يقوم هو بسقاية الأنغام وأنهما ينتظران حتى يسقيا ويعودا إلى دارهما، وقام سيدنا موسى عليه السلام بمساعدة تلك الفتاتان فسقى لهما أغنامهما وجلس سيدنا موسى عليه السلام يدعو ربه ويتضرع إليه، وما إن عادت الفتاتان إلى دارهما فقصا على والدهما ما حدث من أمر السقاية، وأمر ذلك الرجل الذي سقى لهما وهو سيدنا موسى، وكان هذا الشيخ رجلاً صالحاً فطلب من إحدى ابنتيه أن تذهب لسيدنا موسى عليه السلام وأن تأتي به إلى الدار لكي يشكره والدها على ما صنعه معهما، وذهبت إحداهن إلى سيدنا موسى عليه السلام وأخبرته أن أبوها يريد رؤيته ليشكره على ما فعل معهما وسقايته لأغنامهما وكانت تلك المرأة على قدر كبير من الحياء، فقد روي أنها كانت تسير خلف سيدنا موسى عليه السلام وسيدنا موسى يسير أمامها، وهو لا يعرف الطريق وأخذت بيدها بعض الحصوات فإذا أرادت أن تدله على طريق إلى اليمين قامت بإلقاء حصاة في ناحية اليمين وإذا أرادت أن تدله على طريق ناحية الشمال ألقت الحصاة في ناحية الشمال، حتى وصلت إلى البيت وذلك من عفتها وحيائها، ولما حضر سيدنا موسى عليه السلام إلى هذا الرجل الشيخ الكبير أخبره سيدنا موسى عليه السلام بما حدث معه في مصر من قتل ذلك القبطي والهروب من فرعون وقومه، فأخبره ذلك الشيخ بأنه قد نجا من هؤلاء القوم الظالمين وأنه في مأمن منهم فلا يستطعون الوصول إليه، وعرض عليه أن يتزوج بأحدى ابنتيه مقابل أن يكون معهم سيدنا موسى ثمانية أعوام يرعى فيهم أغنامهم، وله أن يزيد سنتين من عنده فيتم المدة إلى عشر سنوات أن أراد ذلك، ولقد حكى القرآن الكريم ذلك في سورة القصص فقال سبحانه وتعالى:(وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاء قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ).

مواجهة موسى لفرعون

لما قضى سيدنا موسى عليه السلام المدة التي اتفق عليها مع الشيخ الكبير وتزوج من ابنته وأنجب منها وأراد سيدنا موسى عليه السلام أن يعود إلى مصر، وصار سيدنا موسى عليه السلام بأهله من مدين إلى مصر وفي طريقهما أوحى الله إليه أن يذهب إلى فرعون ليدعوه إلى عبادة الله وحده، ولما وصل سيدنا موسى عليه السلام إلى مصر اجتمع بأخيه هارون وأخبره أن الله أوحى إليه فذهب معه إلى قصر فرعون واستأذنا عليه سيدنا موسى وهارون عليهما السلام، وأذن لهما ودعاه سيدنا موسى عليه السلام إلى عبادة الله وحده وعدم الظلم، والخضوع لله والإذعان له وطلب سيدنا موسى عليه السلام من فرعون أن يأخذ بني إسرائيل معه فرفض ذلك فرعون بشدة، واستهان بدعوة سيدنا موسى عليه السلام وبدأ يمن عليه بأنه هو الذي قام بتربيته ورعايته، وأن سيدنا موسى قابل ذلك كله بالجحود والإنكار فقتل ذلك القبطي وفر هارباً، فأخبر سيدنا موسى عليه السلام فرعون بأنه لم يقصد قتل الرجل القبطي وإنما كان يدافع عن الإسرائيلي، ولم يقبل فرعون منه عذره وبدأ يسأله عن ربه استخفافاً به واستهانة بأمره وكل ما سأله سؤالاً عن ربه سبحانه وتعالى أجابه سيدنا موسى عليه السلام سخر منه فرعون، والتفت إلى قومه واتهم سيدنا موسى بالجنون فلاخبرهم سيدنا موسى عليه السلام أن الله سبحانه وتعالى أيده بمعجزات تدل على صدقه، فطلب فرعون من سيدنا موسى أن يرى المعجزات التي أعطاها الله لسيدنا موسى عليه السلام، فألقى سيدنا موسى عليه السلام العصا من يديه فتحولت إلى ثعبان كبير ضخم كان ينظر إلى فرعون ويريد أن يبتلعه، وأشار فرعون على ملائه وأخذ رأيهم، فقالوا إن موسى عليه السلام وهارون ما هما إلا ساحران يريدان أن يخرجا فرعون وقومه من ملكهم، وأشاروا عليه بأن يجمع لهم السحرة من كل مكان فيغلبوهما وينتهي أمرهما.

موسى مع السحرة

أرسل فرعون في كل مدينة رجلاً من جنوده لكي يأتي إليه بالسحرة الماهرين المتمكنين لكي ينتصروا على سيدنا موسى، وحدد لسيدنا موسى عليه السلام يوماً كان هذا اليوم يوم عيدهم وهو يوم الزينة، وجاء فرعون بسحرته وأخبرهم بأنهم لو تغلبوا على سيدنا موسى عليه السلام فسوف يعطيهم أجراً كبيراً ومالاً وفيراً وسيقربهم منه في مجلسه، ولما جاء سيدنا موسى عليه السلام عرض عليه السحرة أن يلقي هو عصاه أم يلقون هم، فقال لهم سيدنا موسى عليه السلام بل ابدأوا أنتم وألقوا ما انتم ملقونه، فألقى السحرة ما كان معهم من حبال وعصي وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون، وبالفعل تحولت حبالهم وعصيهم إلى حيات صغيرة تتحرك أمام الناس لأنهم كانوا ماهرين في السحر فسحروا أعين الناس وأخافوهم وأوجس سيدنا موسى عليه السلام في نفسه خيفة، فأوحى الله سبحانه وتعالى إلى سيدنا موسى أن لا يخاف وأن يقوم بإلقاء عصاه لأن الله معه وسيؤيده وسينصره على سحرة فرعون، وألقى سيدنا موسى عصاه وتحولت العصا بسرعة كبيرة إلى حية ضخمة ابتلعت كل الحيات التي جاء بها السحرة وغلب سيدنا موسى عليه السلام هؤلاء السحرة وانتصر عليهم بتأييد الله سبحانه وتعالى له.

إيمان السحرة بموسى

لما ألقى سيدنا موسى عليه السلام عصاه التي كانت معجزة حقيقية من قبل الله عز وجل تؤيد صدق نبوته وتبليغه عن رب العزة، علم السحرة أنه ليس سحر لأنهم جاءوا بسحر عظيم ومع ذلك انتصر عليهم موسى بمفرده، وكانوا جماعة ماهرين في أعمال السحر، فلما علموا أنه رسول من عند الله سبحانه وتعالى آمنوا به وصدقوه واتبعوه، ولكن فرعون أراد بهم كيداً وتوعدهم بالشر، وتوعدهم بالقتل والصلب وتقطيع أيديهم وأرجلهم من خلاف، ولكن ذلك لم يخيفهم ولم يرجعهم عن دينهم فقد ثبتوا لما رأوا من سيدنا موسى عليه السلام ومعجزته وعلموا أن هذا الفعل لا يفعله إلا نبي من قبل الله سبحانه وتعالى، ولما رأى فرعون أن السحرة الذي جاء بهم لنصرته على موسى قد انضموا إلى سيدنا موسى عليه السلام وآمنوا به، اتهم فرعون سيدنا موسى عليه السلام بأنه هو الذي علمهم السحر وأنه هو كبيرهم، وطلب فرعون من وزيره هامان أن يبني له بنيان عالياً حتى يصل إلى السماء فيرى من فوق هذا البنيان آله موسى وربه الذي يزعمه، لأنه كان متجبراً متكبراً يدعي أنه آله فكان ينادي في بني إسرائيل أنه لا آله غيره وكان يقول أنا ربكم الأعلى.

فرعون يريد أن يقتل موسى

لما رأى فرعون أن السحرة آمنوا بموسى وأن بنو إسرائيل آمنوا بسيدنا موسى عليه السلام أيضاً، اغتاظ فرعون لهذا الأمر وقرر أن يقوم بقتل سيدنا موسى عليه السلام، وادعي أن سيدنا موسى سيبدل للناس دينهم وسوف ينشر الفساد في الأرض، ولكن كان هناك رجل مؤمن من آل فرعون علم أن سيدنا موسى عليه السلام مرسل بالحق من ربه يدعو إلى صراط الله المستقيم، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويبشر الطائعين بالنعيم في الآخره وينذر العاصين من عذاب يوم القيامة فأمن بسيدنا موسى عليه السلام ولكنه كان يكتم إيمانه عن آل فرعون خوفاً من بطشهم وطغيانهم، ولما علم هذا الرجل أن قوم فرعون يريدون أن يقتلوا موسى، ذهب متخفياً إلى سيدنا موسى عليه السلام وأمره أن يخرج من هذه المدينه وأخبره أن الملأ من قوم فرعون اجتمعوا وقرروا فيما بينهم أن يقوموا بقتل سيدنا موسى عليه السلام، وعاد هذا الرجل إلى قوم فرعون وأظهرموقفاً حيادياً وأخذ ينصحهم قائلاً لهم إن كان رجلاً صادقاً مرسل من ربه فسوف يأتيكم ما يعدكم به، وإن كان يكذب عليكم ويخدكم في تبليغه عن ربه فلا يضركم شيء وإنما يضر نفسه، فلما سمع فرعون هذا الكلام أعرض عن قتل سيدنا موسى عليه السلام، ولكنه لم ينتهي عن تخويف من اتبع موسى وظلمهم وذبح أبنائهم واستحياء نسائهم وغير ذلك من ألوان العذاب، ولما اشتد العذاب على قوم موسى عليه السلام واشتكوا له ذلك أمرهم سيدنا موسى أن يتمسكوا بطاعة الله وأن يصبروا على عدوهم عسى الله أن يهلكه ويستخلف بني إسرائيل في الأرض من بعده وينصرهم على عدوهم، ودعا سيدنا موسى عليه السلام وهارون على فرعون وقومه فقال سيدنا موسى عليه السلام لربه يا رب إنك أعطيت فرعون وقومه أموالاً طائلة فتجبروا بها في الأرض وعاثوا فيها فساداً، ربنا اطمس على أموالهم واطبع على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم، ومن سنن الله الكونية أن ينصر رسله، فاستجاب الله سبحانه وتعالى لدعوة نبيه موسى عليه السلام، فابتلاهم الله بالقحط وعدم نزول المطر فلم تؤتي الأرض ثمارها، ولكنهم ما زادهم هذا إلا طغياناً وتكبراً وتجبراً على سيدنا موسى ورسالته، فأرسل الله عليهم بعد ذلك الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم فلم يؤمنون لسيدنا موسى عليه السلام بعد ذلك.

خروج موسى ببني إسرائيل

لما رأى سيدنا موسى عليه السلام أن فرعون يكيد لسيدنا موسى ولمن آمن معه ولدعوته ورسالته، وما يزداد فرعون من آيات سيدنا موسى ومعجزاته إلا إنكاراً وتكبراً فجاءه أمر الله سبحانه وتعالى بأن يخرج ببني إسرائيل ليلاً من مصر هو الذين آمنوا معه، ولكن علم فرعون بخروجهم فجهز جنده وخرج يعقبهم ليمنعهم من الخروج من أرض مصر، وأدركهم فرعون بالفعل عند البحر وهنا تخوف أصحاب موسى وقالوا لسيدنا موسى عليه السلام إنا لمدركون فالبحر أمامنا والعدو خلفنا وسيقتلنا فرعون وجنوده، ولكن سيدنا موسى عليه السلام رد عليهم قائلاً إن الله معه ولن يتركه ولن يخذ له وسينجيه والذين آمنوا معه من فرعون وقومه.

كيف انشق البحر

ونجا موسى ومن معه لما أدرك فرعون سيدنا موسى عليه السلام وقومه وكان البحر أمامهم ولا يستطيعون الهروب من فرعون وملأه، أوحى الله سبحانه وتعالى إلى نبيه موسى أن يضرب البحر بعصاه فانفلق البحر إلى جزئين، وعبر سيدنا موسى عليه السلام ومن معه من المؤمنين وأراد فرعون أن يلحق بهم وهو وجنوده ولكن الله سبحانه وتعالى أغرقهم في البحر، ونجا الله فرعون بجسده فقط ليكون آيه لمن خلفه من الطغاة والمتكبرين والمتجبرين.

طلب بني إسرائيل من موسى

ماذا طلب بنو إسرائيل من سيدنا موسى بعد ما جاوزوا البحر لما نجا الله سبحانه وتعالى سيدنا موسى والذين آمنوا معه من البحر وأغرق فرعون وملائه وصار سيدنا موسى ببني إسرائيل وفي طريقهم رأوا قوماً يعبدون الأصنام، فطلبوا من سيدنا موسى عليه السلام أن يجعل لهم صنماً ي


موسى