admin
05-07-2022 - 01:42 pm


قصة سيدنا لوط عليه السلام
من حكمة الله عز وجل أنه أرسل الرسل إلى الناس ليقيموا عليهم الحجة الواضحة ويدعونهم إلى الله وحده وعدم الإشراك به شيئاً في عبادته، وأيد الله سبحانه وتعالى رسله الذين أرسلهم بمعجزات تثبت أنهم مبعوثين من قبل الله عز وجل، لأن تلك المعجزات تكون دائماً خارقة للعادة، وكل الرسل كانوا حريصين على هداية قومهم، وكانوا لا يسألون أقوامهم أجراً على دعوتهم إلى الله عز وجل، وما من رسول أرسله الله سبحانه وتعالى إلا وقال لقومه اعبدوا الله ما لكم من إله غيره، ومن بين هؤلاء الأنبياء والرسل الذين بعثهم الله إلى الناس نبي الله لوط عليه السلام، ونبي الله لوط عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام كان ابن أخ نبي الله إبراهيم عليه السلام.

مسكن قوم لوط

سكن قوم سيدنا لوط عليه السلام قرية من قرى الأردن حالياً وكانت تسمى تلك القرية -(سدوم)- وقرية سدوم قيل أنها كانت مكان البحر الميت الآن، وكان قوم سيدنا لوط عليه السلام قد طغوا وتجبروا وأفسدوا في الأرض فساداً كبيراً، إذ أنهم جاءوا بمعصية لم يأت بها قوم من قبلهم، فبعث الله سيدنا لوط عليه السلام لهدايتهم وإرشادهم يبشرهم بجنة الله سبحانه وتعالى إن هم أطاعوا الله وأقلعوا عن هذه المعصية، وينذرهم بنار الله وعذابه الشديد الذي يلحق بالعاصين في كل زمان ومكان بالمخالفين لأوامر الله سبحانه وتعالى الجاحدين لنعمه وآلائه

معصية قوم لوط

لقد كان لقوم لوط عليه السلام معصية جديدة وكبيرة من الكبائر استحدثوها لم تكن موجودة في أسلافهم، إذ كان الرجال منهم يأتون الرجال على غير فطرة الله التي فطر الناس عليها، إذ أن الفطرة السليمة تستوجب أن تكون العلاقة بين رجل وامرأة، بين ذكر وأنثى، ولكن الرجال من قوم سيدنا لوط عليه السلام كانوا يشتهون الرجال أمثالهم، فنهاهم سيدنا لوط عن ذلك الفعل المشين وأخبرهم بأنهم إن لم ينتهوا عن هذا فسيصيبهم عذاب من الله شديد، ولكن قوم سيدنا لوط لم يؤمنوا به ولم يؤمنوا برسالته ولم يستمعوا إلى كلامه فعصوه واتهموه بالجنون والكذب وتوعدوه بإخراجه وأهله والمؤمنين معه من قريتهم التي كانوا يسكنون فيها، وتمادى هؤلاء القوم في فسقهم وتكبرهم وتجبرهم وعصيانهم لربهم سبحانه وتعالى، وقالوا للوط يا لوط أئتنا بعذاب الله أن كنت من الصادقين فدعا سيدنا لوط عليه السلام ربه بأن ينصره على الكافرين.

الملائكة في ضيافة إبراهيم

لما دعا سيدنا لوط عليه السلام على قومه بأن يأتيهم الله بعذاب شديد من عنده، استجاب ربنا سبحانه وتعالى إلى نبيه لوط عليه السلام، وأرسل الله الملائكة الكرام ومنهم جبريل وميكائيل وأسرافيل عليهم السلام جميعاً، لكي ينزلوا العذاب الشديد بالكافرين من قوم لوط عليه السلام، وفي طريقهم مرت الملائكة بسيدنا إبراهيم عليه السلام فاستضافهم وأحسن ضيافتهم وأكرمهم كرماً شديداً وبشروه بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، وأخبروه بأنهم ذاهبون إلى قوم لوط عليه السلام لإهلاكهم وتدميرهم، وبالفعل توجهت الملائكة إلى قرية سدوم لإهلاك الكافرين فيها وكانوا على هيئة رجال في أحسن صورة، فاستأذنوا نبي الله لوط عليه السلام في الدخول إلى بيته فأذن لهم وفرح بضيافتهم فرحاً شديداً، ولكنه في ذلك الوقت كان يخشى أن يفتضح أمره وأمر ضيوفه الكرام، وخاف خوفاً شديداً من أن يعرف قومه أن في ضيافته رجال فإنهم كانوا يشتهون الرجال، وحدث ما كان يخشاه سيدنا لوط عليه السلام، إذ ذهبت زوجته ولم تكن تؤمن بنبي الله لوط إلى قومها وأخبرتهم بأن زوجها لوط معه رجال في البيت، فجاء قومه مسرعين إليه وأخذوا يفاوضون سيدنا لوط عليه السلام في أن يخلي بينهم وبين ضيوفه، فحاول سيدنا لوط عليه السلام أقناعهم بعدم إرتكاب هذا الذنب، وأن الله عزوجل خلق لهم أزوجاً سماهم لوط عليه السلام بناته، فقال لهم هؤلاء بناتي أطهر لكم من تلك الرجال، ألم يكن من بينكم رجل عاقل رشيد وحاول نهيهم ومنعهم ولكنهم رفضوا أن يستمعوا إليه، وأجابوه بأنهم لايريدون النساء وإنك تعلم يا لوط من نريد، ولقد صور القرآن الكريم لنا ذلك فقال تعالى في سورة هود عليه السلام : (وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ۚ قَالَ يَا قَوْمِ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ۖ أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ (78) قَالُوا لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ (79) قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَىٰ رُكْنٍ شَدِيدٍ (80) قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ ۖ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ ۖ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ۚ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ) ولم يستطع سيدنا لوط عليه السلام أن يمنع قومه عن ضيوفه وتمنى لوط أن لو كان معه قوة يمنعون قومه من الوصول إلى ضيوفة، وهنا تدخلت الملائكة بأمر من ربهم وأخبرو سيدنا لوط عليه السلام بأنهم رسل من قبل الله عز وجل، وأن هؤلاء الكافرين لا يستطيعون الوصول إليه ولا إليهم، وأنهم أرسلوا من قبل الله سبحانه وتعالى لكي يهلكوهؤلاء الكافرين.

كيف أهلك قوم لوط

لما أخبرت الملائكة الكرام سيدنا لوط عليه السلام أنهم رسل من الله وأن قومة لا يستطيعون الخلاص إليهم، أمروا سيدنا لوط عليه السلام بأن يخرج هو وأهله من قرية سدوم ليلاً، وذلك لأن عذاب الله سينزل على قومه في صباح تلك الليلة، وطلبت الملائكة من سيدنا لوط ومن الذين أمنوا معه ألا يلتفتوا خلفهم ولا ينظروا ماذا يحدث بقومهم، فتجهز المؤمنون من قوم سيدنا لوط وأعدوا العدة للخروج من تلك القرية الظالم أهلها، وتركوا فيها الكافرين المخالفين لأوامر ربهم وكان من بينهم امرأة لوط عليه السلام، اذ لم تكن مؤمنة برسالة لوط عليه السلام، ولقد ضرب الله سبحانه وتعالى بامرأة لوط المثل في الكفر والعناد وأنها كانت تحت نبي صالح فلم تطعه، فلم يغني عنها زوجها شيئاً من عذاب الله، وأهلكها الله مع الهالكين، فقال سبحانه وتعالى: (ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ). وجاء سيدنا جبريل عليه السلام وضرب تلك القرية بطرف جناحه قلبها رأسا على عقب بعد أن رفعها إلى السماء، حتى قيل أن الملائكة في السماء كانوا يسمعون نباح كلابهم، وأرسل الله عليهم حجارة من السماء كالمطر تتبع بعضها بعضها، وقيل بأن تلك الحجارة كانت موسومة بأسماء هؤلاء الكافرين فكان لكل منهم حجر مخصوص مكتوب عليه اسم الرجل الذي سيقتله، ويروي أن زوجة لوط عليه السلام خرجت مع قومه الذين آمنوا معه ولكن عندما نزل العذاب بقومه وسمعت صراخهم وأصواتهم العالية ألتفت خلفها لترى ماذا يحدث بقومها حين أخذهم العذاب فأصابها ما أصابهم، ولقد حكى القرآن الكريم لنا ذلك فقال سبحانه وتعالى:( قَالُوا يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَن يَصِلُوا إِلَيْكَ ۖ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ ۖ إِنَّهُ مُصِيبُهَا مَا أَصَابَهُمْ ۚ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ ۚ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ).


لوط