عبد الله بن عمر من أكثر الصحابة الذين رووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثير من الأحاديث بسبب ملازمته النبي صلى الله عليه وسلم في جميع أوقاته، لذا فنحن بصدد الحديث عن أحد الصحابة الذين نذكرهم حتى يومنا هذا عندما نذكر أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم.
وسنتحدث في هذا المقال عن بعض المواقف في حياة سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنه كيف كان يقوم بحفظ أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وإسلامه وبعض مواقفه في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم.
اسمه ولقبه
هو الصحابي الجليل عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي رضي الله عنهما، كانت كنيته أبو عبد الرحمن، ولد سيدنا عبد الله بن عمر قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بعامين وكانت أمه هي زينب بنت الجماحية، في بعض الأقاويل أن سيدنا عبد الله بن عمر أسلم قبل عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وبعض الأقاويل قيلت أنه عندما أسلم عمر بن الخطاب كان عبد الله صغيراً في السن.إلا أن بعض الروايات اختلفت في هذا العمر فمنهم من ذكر أن عبد الله بن عمر قد شهد غزوة أحد، وبعض الاقاويل أيضاً قالت أنه كان لا زال صغيراً في السن ولم يشهدها ولكن اتفق الجميع على أن عبد الله بن عمر قد شهد غزوة الخندق.
ملازمته الرسول
عبد الله بن عمر هو أحد الصحابة الذين رووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثير من الأحاديث فكان رضي الله عنه ملازماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم في كل حركة وسكنة فكان يصلي مع النبي بينما صلى وكان يرافقه أينما حل وارتحل، كما كان رضي الله عنه حريصاً على أن يتجنب الفتن ما ظهر منها وما بطن وعدم الدخول أبداً إليها.فكان عبد الله بن عمر راوي أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وبسبب هذا الأمر بلغ المرتبة الثانية في أكثر الصحابة الذين رووا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأحاديث الشريفة وكان أول هذه الصحابة هو أبو هريرة رضي الله عنه.
بعض صفات عبد الله بن عمر
كان عبد الله بن عمر كثير الإنفاق والصدقة في سبيل الله وقد ذكر أن عبد الله بن عمر يخرج نحو ثلاثين ألف درهم في المجلس الواحد، كما أنه لا يجلس على مائدة طعام إلا ويرافقه على هذه المائدة أحد اليتامى، كان عبد الله بن عمر طيب القلب كريماً وكان من الذين يتفقهون في دين الله كثيراً.
مواقف عبد الله بن عمر
هناك الكثير من المواقف في حياة سيدنا عبد الله بن عمر رضي الله عنه حيث أنه كان حريصاً على محاكاة أفعال النبي في جميع الأوقات والتقلد بها، وهناك بعض المواقف التي ذكرت في السيرة كان عبد الله بن عمر رضي الله عنه يفعلها مثل ما يفعل النبي صلى الله عليه وسلم دون أن يسأل.ففي مرة رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يركب ناقته وتدور دورتين قبل أن ينزل عنها النبي صلى الله عليه وسلم، ثم صلى ركعتين ففي كل مرة كان يذهب بن عمر إلى المكان الذي فيه كان يفعل النبي هذا إلا ويدور بناقته دورتين ثم ينزل فيصلي لله ركعتين وهذا دليل على أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه كان مطيعاً لأوامر النبي صلى الله عليه وسلم دون تفكير أو سؤال.
هو في مرة أخرى رأى النبي صلى الله عليه وسلم يجلس تحت شجرة فتعاهد عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن يرعى هذه الشجرة ويسقيها خشية أن تموت أو تتيبس فكان رضي الله عنه محباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم، الدليل على هذا أن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت فيه " ما كان أحد يتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم في منازله مثل ما كان يتبعه عبد الله بن عمر" .
في إحدى الروايات تقول أن عبد الله بن عمر ذات مرة نام وجاءه في المنام أنه يلبس في يده قطعة من استبرق تقود به إلى الجنة، ثم جاء شخصان يريدان أن يأخذه إلى النار، فصار يستعيذ بالله من النار ويقول أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار فلما استيقظ وقص على أخته ما رأى في منامه.
ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت له وقصت ما حدث في رؤيا عبد الله بن عمر، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم " نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل في يكثر " وعندما علم عبد الله بن عمر بما قامت به أخته حفصة ظل يقوم الليل حتى توفاه الله.
كان عبد الله بن عمر رضي الله عنه في حياته يتصف بشدة الورع والتقوى، حتى أنه في عهد سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه رفض أن يتولى القضاء ولما طلب منه عثمان بن عفان هذا الأمر أصر على رفضه أن يتولى القضاء ولما سأل عثمان بن عفان عبد الله بن عمر عن سبب رفضه هذا قال أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أن القضاة ثلاثة أنواع.
واحد يقضي بالهوى وهو في النار وآخر يقضي بالجهل وهو في النار والآخر يصيب ويجتهد وهذا ليس له أجر أو عليه إثم، فلما علم هذا عثمان بن عفان أعفاه من القضاء.
كان عبد الله بن عمر زاهداً في حياته فروي أنه في مرة أهداه رجل وعاءً مملوءً بالطعام فلما سأله ابن عمر عن الطعام الذي يوجد في الإناء، قال إنه دواء يهضم الطعام فضحك ابن عمر.
وقال أنني لم أشبع من الطعام منذ أربعين عاماً، وذكر أيضاً في زهده أن ميمون بن مهران دخل مرة إلى بيت عبد الله بن عمر فثمن كل ما يوجد في البيت من فراش وبساط وطعام ولحاف فلم يجده يساوي سوى 100 درهم فقط.
خلافة عثمان بن عفان
تعرف علي موقف عبد الله بن عمر من الخلافة في عهد عثمان بن عفان كما ذكرنا لم يقبل بأن يتولى القضاء خشية الفتن، وقال الحسن بعد مقتل سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه عرض الناس على عبد الله بن عمر أن يتولى الخلافة حيث أنه قيل له أنك سيد الناس وابن سيد الناس.فاخرج الناس يبايعون عبد الله بن عمر ولكنه وجد أن الفتنة قد اشتعلت بين المسلمين فرفض ذلك خشية أن يكون سبباً في اشتعال الفتنة بين المسلمين واراقة الكثير من الدماء بين المسلمين.
وفي بعض الأقاويل تقول أن بعض الناس هدد عبد الله بن عمر بالقتل إن لم يقبل أن يكون خليفة للمسلمين بعد عثمان بن عفان ولكنه أصر على قوله.